قولهم : جفلت الريح السحاب إذا حملته وفرقته. وعن أبي حاتم : لا يقرأ بقراءة رؤبة ، لأنه كان يأكل الفار بمعنى : أنه كان أعرابيا جافيا. وعن أبي حاتم أيضا : لا تعتبر قراءة الأعراب في القرآن. وأما ما ينفع الناس أي : من الماء الخالص من الغثاء ومن الجوهر المعدني الخالص من الخبث أي : مثل ذلك الضرب كمثل الحق والباطل. يضرب الله الأمثال ، والظاهر أنه لما ضرب هذا المثل للحق والباطل انتقل إلى ما لأهل الحق من الثواب ، وأهل الباطل من العقاب ، فقال : للذين استجابوا لربهم الحسنى ، أي : الذين دعاهم الله على لسان رسوله صلىاللهعليهوسلم فأجابوا إلى ما دعاهم إليه من اتباع دينه الحالة الحسنى ، وذلك هو النصر في الدنيا وما اختصوا به من نعمة الله ، ودخول الجنة في الآخرة. فالحسنى مبتدأ ، وخبره في قوله : للذين. والذين لم يستجيبوا مبتدأ ، خبره ما بعده. وغاير بين جملتي الابتداء لما يدل عليه تقديم الجار والمجرور في الاعتناء والاهتمام ، وعلى رأي الزمخشري من الاختصاص أي : لهؤلاء الحسنى لا لغيرهم. ولأن قراءة شيوخنا يقفون على قوله الأمثال ، ويبتدئون للذين. وعلى هذا المفهوم أعرب الحوفي الحسنى مبتدأ ، وللذين خبره ، وفسر ابن عطية وفهم السلف. قال ابن عباس : جزاء الحسنى وهي لا إله إلا الله. وقال مجاهد : الحياة الحسنى ما في الطيبة. وقيل : الجنة لأنها في نهاية الحسنى. وقيل : المكافأة أضعافا. وعلق الزمخشري للذين بقوله يضرب فقال : للذين استجابوا متعلقة بيضرب أي : كذلك يضرب الله الأمثال للمؤمنين الذين استجابوا ، وللكافرين الذين لم يستجيبوا أي : هما مثلا الفريقين. والحسنى صفة لمصدر استجابوا أي : استجابوا الاستجابة الحسنى. وقولهم : لو أن لهم كلام مبتدأ ، ذكر ما أعد لغير المستجيبين انتهى. والتفسير الأول أولى ، لأنه فيه ضرب الأمثال غير مقيد بمثل هذين ، والله تعالى قد ضرب أمثالا كثيرة في هذين وفي غيرهما ، ولأنه فيه ذكر ثواب المستجيبين بخلاف قول الزمخشري ، فكما ذكر ما لغير المستجيبين من العقاب ، ذكر ما للمستجيبين من الثواب. ولأنّ تقديره الاستجابة الحسنى مشعر بتقييد الاستجابة ، ومقابلتها ليس نفي الاستجابة مطلقا ، إنما مقابلها نفي الاستجابة الحسنى ، والله تعالى قد نفى الاستجابة مطلقا. ولأنه على قوله يكون قوله : لو أن لهم ما في الأرض جميعا ، كلاما مفلتا مما قبله ، أو كالمفلت ، إذ يصير المعنى : كذلك يضرب الله الأمثال للمؤمنين والكافرين. لو أن لهم ما في الأرض ، فلو كان التركيب بحرف رابط لو بما قبلها زال التفلت ، وأيضا فيوهم الاشتراك في الضمير ، وإن كان تخصيص ذلك بالكافرين معلوما لهم. وأيضا فقد جاء هذا التركيب ، وتقدم تفسير مثل قوله : لو أن لهم ما