واختلفوا في مدلولها : فقال أبو الحسن الهنائي : هي جمع طيبة قالوا في جمع كيسة كوسى ، وصيفة صوفى. وفعلى ليست من ألفاظ الجموع ، فلعله يعني بها اسم جمع. وقال الجمهور : هي مفرد مصدر كبشرى وسقيا ورجعى وعقبى ، واختلف القائلون بهذا في معناها. فقال الضحاك : المعنى غبطة لهم. وعنه أيضا : أصبت خيرا. وقال عكرمة : نعمى لهم. وقال ابن عباس : فرح وقرة عين. وقال قتادة : حسنى لهم. وقال النخعي : خير لهم ، وعنه أيضا كرامة لهم. وعن سميط بن عجلان : دوام الخير. وهذه أقوال متقاربة ، والمعنى العيش الطيب لهم. وعن ابن عباس ، وابن جبير : طوبى اسم للجنة بالحبشية. وقيل : بلغة الهند. وقال أبو هريرة ، وابن عباس أيضا ، ومعتب بن سمي ، وعبيد بن عمير ، ووهب بن منبه : هي شجرة في الجنة. وروي مرفوعا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من حديث عتبة بن عبيد السلمي أنه قال ، وقد سأله أعرابي : يا رسول الله أفي الجنة فاكهة؟ قال : «نعم فيها شجرة تدعى طوبى» وذكر الحديث. قال القرطبي : الصحيح أنها شجرة للحديث المرفوع حديث عتبة ، وهو صحيح على ما ذكره السهيلي ، وذكره أبو عمر في التمهيد والثعلبي. وطوبى : مبتدأ ، وخبره لهم. فإن كانت علما لشجرة في الجنة فلا كلام في جواز الابتداء ، وإن كانت نكرة فمسوغ الابتداء بها ما ذهب إليه سيبويه من أنه ذهب بها مذهب الدعاء كقولهم : سلام عليك ، إلا أنه التزم فيه الرفع على الابتداء ، فلا تدخل عليه نواسخه هكذا قال : ابن مالك. ويرده أنه قرىء : وحسن مآب بالنصب ، قرأه كذلك عيسى الثقفي ، وخرج ذلك ثعلب على أنه معطوف على طوبى ، وأنها في موضع نصب ، وحسن مآب معطوف عليها. قال ثعلب : وطوبى على هذا مصدر كما قالوا : سقيا. وخرجه صاحب اللوامح على النداء قال : بتقدير يا طوبى لهم ، ويا حسن مآب. فحسن معطوف على المنادى المضاف في هذه القراءة ، فهذا نداء للتحنين والتشويق كما قال : يا أسفى على الفوت والندبة انتهى. ويعني بقوله : معطوف على المنادى المضاف ، أنّ طوبى مضاف للضمير ، واللام مقحمة كما أقحمت في قوله : يا بؤس للجهل ضرارا لأقوام ، وقول الآخر : يا بؤس للحرب التي ، ولذلك سقط التنوين من بؤس وكأنه قيل : يا طوباهم وحسن مآب أي : ما أطيبهم وأحسن مآبهم ، كما تقول : يا طيبها ليلة أي : ما أطيبها ليلة. وقرأ بكرة الأعرابي طيبى بكسر الطاء ، لتسلم الياء من القلب ، وإن كان وزنها فعلى ، كما كسروا في بيض لتسلم الياء ، وإن كان وزنها فعلا كحمر. وقال الزمخشري : أصبت خيرا وطيبا ، ومحلها النصب أو الرفع كقولك : طيبا لك ، وطيب لك ، وسلاما لك ، وسلام لك ، والقراءة في قوله : وحسن مآب بالرفع والنصب