إعادة على المعنى ، إذ لو أعاد على اللفظ لكان التركيب وهي تكفر ، والمعنى : أرسلناك إليهم وهم يدينون دين الكفر ، فهدى الله بك من أراد هدايته. وقيل : يعود على الذين قالوا : الأمم السالفة أرسلت إليهم الرسل والأمة التي أرسلت إليها جميعهم جاءتهم الرسل وهم يدينون دين الكفر ، فيكون في ذلك تسلية للرسول صلىاللهعليهوسلم ، إذ أمته مثل الأمم السالفة. ونبه على الوصف الموجب لإرسال الرسول وهو الرحمة الموجبة لشكر الله على إنعامه عليهم ببعثة الرسول والإيمان به. قل : هو أي الرحمن الذي كفروا به هو ربي الواحد المتعال عن الشركاء ، عليه توكلت في نصرتي عليكم ، وجميع أموري ، وإليه مرجعي ، فيثبتني على مجاهدتكم.
(وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا قارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ. وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ) : قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : إن الكفار قالوا للنبي صلىاللهعليهوسلم : سير جبلي مكة فقد ضيقا علينا ، واجعل لنا أرضا قطعا غراسا ، وأحي لنا آباءنا وأجدادنا ، وفلانا وفلانا ، فنزلت معلمة أنهم لا يؤمنون ولو كان ذلك كله. ولما ذكر تعالى علة إرساله وهي تلاوة ما أوحاه إليه ، ذكر تعظيم هذا الموحى وأنه لو كان قرآنا تسير به الجبال عن مقارها ، أو تقطع به الأرض حتى تتزايل قطعا قطعا ، أو تكلم به الموتى فتسمع وتجيب ، لكان هذا القرآن لكونه غاية في التذكير ، ونهاية في الإنذار والتخويف. كما قال : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ) (٢) الآية فجواب لو محذوف وهو ما قدرناه ، وحذف جواب لو لدلالة المعنى عليه جائز نحو قوله تعالى : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ) (٣) (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) (٤) وقال الشاعر :
وجدك لو شيء أتانا رسوله |
|
سواك ولكن لم نجد عنك مدفعا |
وقيل : تقديره لما آمنوا به كقوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا) (٥) قال الزجاج. وقال الفراء : هو
__________________
(٢) سورة الحشر : ٥٩ / ٢١.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ١٦٥.
(٤) سورة الأنعام : ٦ / ٢٧.
(٥) سورة الأنعام : ٦ / ١١١.