إليها. ولئن اتبعت : الخطاب لغير الرسول صلىاللهعليهوسلم ، لأنه معصوم من اتباع أهوائهم. وقال الزمخشري : هذا من باب الإلهاب والتهييج والبعث للسامعين على الثبات في الدين والتصلب فيه. أن لا يزال زال عند الشبه بعد استمساكه بالحجة ، وإلا فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم من شدة الشكيمة بمكان.
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ. يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ. وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) : قال الكلبي : عيرت اليهود الرسول صلىاللهعليهوسلم وقالوا : ما نرى لهذا الرجل همة إلا النساء والنكاح ، ولو كان نبيا كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء ، فنزلت هذه الآية. قيل : وكانوا يقترحون عليه الآيات وينكرون النسخ ، فرد الله تعالى عليهم بأنّ الرسل قبله كانوا مثله ذوي أزواج وذرية ، وما كان لهم أن يأتوا بآيات برأيهم ، ولا يأتون بما يقترح عليهم. ومن الشرائع مصالح تختلف باختلاف الأحوال والأوقات ، فلكل وقت حكم يكتب فيه على العباد أي : يفرض عليهم ما يريده تعالى. وقوله : لكل أجل كتاب ، لفظ عام في الأشياء التي لها آجال ، لأنه ليس منها شيء إلا وله أجل في بدئه وفي خاتمته ، وذلك الأجل مكتوب محصور. وقال الضحاك والفراء : المعنى لكل كتاب أجل ، ولا يجوز ادعاء القلب إلا في ضرورة الشعر وأما هنا فالمعنى في غاية الصحة بلا عكس ولا قلب بل ادعاء القلب هنا لا يصح المعنى عليه ، إذ ثم أشياء كتبها الله تعالى أزلية كالجنة ونعيم أهلها ، لا أجل لها. والظاهر أنّ المحو عبارة عن النسخ من الشرائع والأحكام ، والإثبات عبارة عن دوامها وتقررها وبقائها أي : يمحو ما يشاء محوه ، ويثبت ما يشاء إثباته. وقيل : هذا عام في الرزق والأجل والسعادة والشقاوة ، ونسب هذا إلى : عمر ، وابن مسعود ، وأبي وائل ، والضحاك ، وابن جريج ، وكعب الأحبار ، والكلبي. وروي عن عمر ، وابن مسعود ، وأبي وائل في دعائهم ما معناه إن كنت كتبتني في السعداء فأثبتني فيهم ، أو في الأشقياء فامحني منهم. وإن صح عنهم فينبغي أن يتأول على أن المعنى : إن كنت أشقيتنا بالمعصية فامحها عنا بالمغفرة. ومعلوم أنّ الشقاء والسعادة والرزق والخلق والأجل لا يتغير شيء منها. وقال ابن عباس : يمحوا الله ما يشاء من أمور عباده إلا السعادة والشقاوة والآجال ، فإنه لا محو فيها. وقال الحسن وفرقة : هي آجال بني آدم تكتب في ليلة القدر. وقيل : في ليلة نصف شعبان آجال الموتى ، فتمحى ناس من ديوان الأحياء ويثبتون في ديوان الأموات. وقال قيس بن عباد : في العاشر من رجب يمحو