علي : إفادة على وزن إشارة. ويظهر أن الهمزة بدل من الواو المكسورة كما قالوا : أشاح في وشاح ، فالوزن فعالة أي : فاجعل ذوي وفادة. ويجوز أن يكون مصدر أفاد إفادة ، أو ذوي إفادة ، وهم الناس الذين يفيدون وينتفع بهم. وقرأ الجمهور : تهوي إليهم أي تسرع إليهم وتطير نحوهم شوقا ونزاعا ، ولما ضمن تهوي معنى تميل عداه بإلى ، وأصله أن يتعدى باللام. قال الشاعر :
حتى إذا ما هوت كف الوليد بها |
|
طارت وفي كفه من ريشها تبك |
ومثال ما في الآية قول الشاعر :
تهوى إلى مكة تبغي الهدى |
|
ما مؤمن الجن ككفارها |
وقرأ مسلمة بن عبد الله : تهوي بضم التاء مبنيا للمفعول من أهوى المنقولة بهمزة التعدية من هوى اللازمة ، كأنه قيل : يسرع بها إليهم. وقرأ علي بن أبي طالب ، وزيد بن علي ، ومحمد بن علي ، وجعفر بن محمد ، ومجاهد : تهوى مضارع هوى بمعنى أحب ، ولما ضمن معنى النزوع والميل عدى بإلى. وارزقهم من الثمرات مع سكانهم واديا ما فيه شيء منها بأن يجلب إليهم من البلاد كقوله : (يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ) (١) وروي عن مسلم بن محمد الطائفي أنه لما دعا عليهالسلام بأن يرزق سكان مكة الثمرات ، بعث الله جبريل عليهالسلام فاقتلع بجناحه قطعه من فلسطين. وقيل : من الأردن فجاء بها ، وطاف بها حول البيت سبعا ، ووضعها قريب مكة فهي الطائف. وبهذه القصة سميت وهي موضع ثقيف ، وبها أشجار وثمرات. وروي نحو منه عن ابن عباس. لعلهم يشكرون. قال الزمخشري النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات حاضرة في واد بباب ليس فيه نجم ولا شجر ولا ماء ، لا جرم أنّ الله عزوجل أجاب دعوة إبراهيم فجعله حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ، ثم فضله في وجود أصناف الثمار فيه على كل ريف ، وعلى أخصب البلاد وأكثرها ثمارا ، وفي أي بلد من بلاد الشرق والغرب ترى الأعجوبة التي يريكها الله. بواد غير ذي زرع وهي : اجتماع البواكير والفواكه المختلفة الأزمان من الربيعية والصيفية والخريفية في يوم واحد ، وليس ذلك من آياته بعجيب.
(رَبَّنا إِنَّكَ تَعْلَمُ ما نُخْفِي وَما نُعْلِنُ وَما يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي
__________________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ٥٧.