سبيل التشريف نحو : بيت الله ، وناقة الله ، أو الملك إذ هو المتصرف في الإنشاء للروح ، ولمودعها حيث يشاء. وقعوا له أي : اسقطوا على الأرض. وحرف الجر محذوف من أن أي : ما لك في أن لا تكون. وأي : داع دعا بك إلى إبائك السجود. ولا سجد اللام لام الجحود ، والمعنى : لا يناسب حالي السجود له. وفي البقرة نبه على العلة المانعة له وهي الاستكبار أي : رأى نفسه أكبر من أن يسجد. وفي الأعراف صرح بجهة الاستكبار ، وهي ادعاء الخيرية والأفضلية بادعاء المادة المخلوق منها كل منهما. وهنا نبه على مادة آدم وحده ، وهنا فاخرج منها وفي الأعراف : (فَاهْبِطْ مِنْها) (١) وتقدم ذكر الخلاف فيما يعود عليه ضمير منها. وقد تقدمت منها مباحث في سورة البقرة ، والأعراف ، أعادها المفسرون هنا ، ونحن نحيل على ما تقدم إلا ما له خصوصية بهذه السورة فنحن نذكره.
فنقول : وضرب يوم الدين غاية للعنة ، إما لأنه أبعد غاية يضربها الناس في كلامهم ، وإما أن يراد أنك مذموم مدعو عليك باللعنة في السموات والأرض إلى يوم الدين من غير أن تعذب ، فإذا جاء ذلك اليوم عذبت بما ينسى اللعن معه. ويوم الدين ، ويوم يبعثون ، ويوم الوقت المعلوم ، واحد. وهو وقت النفخة الأولى حتى تموت الخلائق. ووصف بالمعلوم إما لانفراد الله بعلمه كما قال : (قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي) (٢) (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) (٣) أو لأنه معلوم فناء العالم فيه ، فيكون قد عبر بيوم الدين ، وبيوم يبعثون ، ويوم الوقت المعلوم ، بما كان قريبا من ذلك اليوم. قال الزمخشري : ومعنى إغوائه إياه نسبته لغيه ، بأن أمره بالسجود لآدم عليهالسلام ، فأفضى ذلك إلى غيه. وما الأمر بالسجود الأحسن ، وتعريض للثواب بالتواضع ، والخضوع لأمر الله ، ولكن إبليس اختار الإباء والاستكبار فهلك ، والله تعالى بريء من غيه ومن إرادته والرضا به انتهى. وهو على طريقة الاعتزال. والضمير في لهم عائد على غير مذكور ، بل على ما يفهم من الكلام ، وهو ذرية آدم. ولذلك قال في الآية الأخرى : (لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) (٤) والتزين تحسين المعاصي لهم ووسوسته حتى يقعوا فيها في الأرض أي : في الدنيا التي هي دار الغرور لقوله تعالى : (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ) (٥) أو أراد أني أقدر على الاحتيال
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٣.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٨٧.
(٣) سورة لقمان : ٣١ / ٣٤.
(٤) سورة الإسراء : ١٧ / ٦٢.
(٥) سورة الأعراف : ٧ / ١٧٦.