(فَأَسْقَيْناكُمُوهُ) (١) وقرأ أبو رجاء : يسقيكم بالياء مضمومة ، والضمير عائد على الله أي : يسقيكم الله. قال صاحب اللوامح : ويجوز أن يكون مسندا إلى النعم ، وذكر لأنّ النعم مما يذكر ويؤنث ومعناه : وأنّ لكم في الأنعام نعما يسقيكم أي : يجعل لكم سقيا انتهى. وقرأت فرقة : بالتاء مفتوحة منهم أبو جعفر. قال ابن عطية : وهي ضعيفة انتهى. وضعفها عنده ـ والله أعلم ـ من حيث أنث في تسقيكم ، وذكر في قوله مما في بطونه ، ولا ضعف في ذلك من هذه الجهة ، لأن التأنيث والتذكير باعتبار وجهين ، وأعاد الضمير مذكرا مراعاة للجنس ، لأنه إذا صح وقوع المفرد الدال على الجنس مقام جمعه جاز عوده عليه مذكرا كقولهم : هو أحسن الفتيان وأنبله ، لأنه يصح هو أحسن فتى ، وإن كان هذا لا ينقاس عند سيبويه ، إنما يقتصر فيه على ما قالته العرب. وقيل : جمع التكسير فيما لا يعقل يعامل معاملة الجماعة ، ومعاملة الجمع ، فيعود الضمير عليه مفردا. كقوله :
مثل الفراخ نبقت حواصله
وقيل : أفرد على تقدير المذكور كما يفرد اسم الإشارة بعد الجمع كما قال :
فيها خطوط من سواد وبلق |
|
كأنه في الجلد توليع البهق |
فقال : كأنه وقدر بكان المذكور. قال الكسائي : أي في بطون ما ذكرنا. قال المبرد : وهذا سائغ في القرآن قال تعالى : (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ) (٢) (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) (٣) أي ذكر هذا الشيء. وقال : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي) (٤) أي هذا الشيء الطالع. ولا يكون هذا إلا في التأنيث المجازى ، لا يجوز جاريتك ذهب. وقالت فرقة : الضمير عائد على البعض ، إذ الذكور لا ألبان لها ، فكأنّ العبرة إنما هي في بعض الأنعام. وقال الزمخشري : ذكر سيبويه الأنعام في باب ما لا ينصرف في الأسماء المفردة على أفعال كقولهم : ثواب أكياش ، ولذلك رجع الضمير إليه مفردا ، وأما في بطونها في سورة المؤمنين فلأن معناه الجمع ، ويجوز أن يقال في الأنعام وجهان : أحدهما : أن يكون تكسير نعم كالأجبال في جبل ، وأن يكون اسما مفردا مقتضيا لمعنى الجمع كنعم ، فإذا ذكر فكما يذكر نعم في قوله :
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٢٢.
(٢) سورة المزمل : ٧٣ / ١٩.
(٣) سورة عبس : ٨٠ / ١٢.
(٤) سورة الأنعام : ٦ / ٧٨.