بمعصية مولاه. وقال الضحاك : باغترار الحال عن المآل. وقال العسكري : ليس المعنى أنه يغفر لمن يعمل السوء بجهالة ، ولا يغفر لمن عمله بغير جهالة ، بل المراد أن جميع من تاب فهذا سبيله ، وإنما خص من يعمل السوء بجهالة ، لأنّ أكثر من يأتي الذنوب يأتيها بقلة فكر في عاقبة ، أو عند غلبة شهوة ، أو في جهالة شباب ، فذكر الأكثر على عادة العرب في مثل ذلك. والإشارة بذلك إلى عمل السوء ، وأصلحوا : استمروا على الإقلاع عن تلك المعصية. وقيل : أصلحوا آمنوا وأطاعوا ، والضمير في من بعدها عائد على المصادر المفهومة من الأفعال السابقة أي : من بعد عمل السوء والتوبة والإصلاح. وقيل : يعود على الجهالة. وقيل : على السوء على معنى المعصية.
(إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً قانِتاً لِلَّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شاكِراً لِأَنْعُمِهِ اجْتَباهُ وَهَداهُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) : لما أبطل تعالى مذاهب المشركين في هذه السورة من إثبات الشركاء لله ، والطعن في نبوّة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وتحليل ما حرّم ، وتحريم ما أحل ، وكانوا مفتخرين بجدهم إبراهيم عليهالسلام مقرين بحسن طريقته ووجوب الاقتداء به ، ذكره في آخر السورة وأوضح منهاجه ، وما كان عليه من توحيد الله تعالى ورفض الأصنام ، ليكون ذلك حاملا لهم على الاقتداء به. وأيضا فلما جرى ذكر اليهود بيّن طريقة إبراهيم ليظهر الفرق بين حاله وحالهم ، وحال قريش. وقال مجاهد : سمي أمّة لانفراده بالإيمان في وقته مدّة ما. وفي البخاري أنه قال لسارة : ليس على الأرض اليوم مؤمن غيري وغيرك. والأمة لفظ مشترك بين معان منها : الجمع الكثير من الناس ، ثم يشبه به الرجل الصائم ، أو الملك ، أو المنفرد بطريقة وحده عن الناس فسمي أمة ، وقاله ابن مسعود والفراء وابن قتيبة. وقال ابن عباس : كان عنده من الخير ما كان عنده أمة ، ومن هنا أخذ الحسن بن هانىء قوله :
وليس على الله بمستنكر |
|
أن يجمع العالم في واحد |
وعن ابن مسعود : إنه معلم الخير ، وأطلق هو وعمر ذلك على معاذ فقال : كان أمة قانتا. وقال ابن الأنباري : هذا مثل قول العرب : فلان رحمة ، وعلامة ، ونسابة ، يقصدون بالتأنيث التناهي في المعنى الموصوف به. وقيل : الأمة الإمام الذي يقتدي به من أم يؤم ،