(وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) : أي يستخبرونك. وأحق هو الضمير عائد على العذاب. وقيل : على الشرع والقرآن. وقيل : على الوعيد. وقيل : على أمر الساعة ، والجملة في موضع نصب فقال الزمخشري : بيقولون أحق هو فجعل يستنبئونك تتعدى إلى واحد. وقال ابن عطية : معناه يستخبرونك ، وهي على هذا تتعدّى إلى مفعولين : أحدهما الكاف ، والآخر في الابتداء ، والخبر فعلى ما قال : يكون يستنبئونك معلقة. وأصل استنبأ أن يتعدّى إلى مفعولين : أحدهما بعن ، تقول : استنبأت زيدا عن عمرو أي طلبت منه أن ينبئني عن عمرو ، والظاهر أنها معلقة عن المفعول الثاني. قال ابن عطية : وقيل هي بمعنى يستعلمونك. قال : فهي على هذا تحتاج إلى مفاعيل ثلاثة : أحدها الكاف ، والابتداء ، والخبر سد مسد المفعولين انتهى. وليس كما ذكر ، لأنّ استعلم لا يحفظ كونها متعدية إلى مفاعيل ثلاثة ، لا يحفظ استعلمت زيدا عمرا قائما فتكون جملة الاستفهام سدت مسد المفعولين ، ولا يلزم من كونها بمعنى يستعلمونك أن تتعدى إلى ثلاثة ، لأنّ استعلم لا يتعدّى إلى ثلاثة كما ذكرنا. وارتفع هو على أنه مبتدأ ، وحق خبره. وأجاز الحوفي وأبو البقاء أن يكون حق مبتدأ وهو فاعل به سد مسد الخبر ، وحق ليس اسم فاعل ولا مفعول ، وإنما هو مصدر في الأصل ، ولا يبعد أن يرفع لأنه بمعنى ثابت. وهذا الاستفهام منهم على جهة الاستهزاء والإنكار. وقرأ الأعمش : الحق. قال الزمخشري : وهو أدخل في الاستهزاء لتضمنه معنى التعريض بأنه باطل ، وذلك أن اللام للجنس ، فكأنه قيل : أهو الحق لا الباطل ، أو أهو الذي سميتموه الحق؟ انتهى. وأمر تعالى نبيه أن يقول مجيبا لهم : قل إي وربي ، أي نعم وربي. وإي تستعمل في القسم خاصة ، كما تستعمل هل بمعنى قد فيه خاصة. قال معناه الزمخشري قال : وسمعتهم يقولون في التصديق إي و، فيصلونه بواو القسم ولا ينطقون به وحده انتهى. ولا حجة فيما سمعه الزمخشري من ذلك لعدم الحجية في كلامه لفساد كلام العرب إذ ذاك وقبله بأزمان كثيرة. وقال ابن عطية : هي لفظة تتقدّم القسم ، وهي بمعنى نعم ، ويجيء بعدها حرف القسم وقد لا يجيء ، تقول : أي ربي أي وربي انتهى. وقد كان يكتفي في الجواب بقوله : إي وربي ، إلا أنه أوكد بإظهار الجملة التي كانت تضمر بعد قوله : إي وربي ، مسوقة مؤكدة بأنّ. واللام مبالغة في التوكيد في الجواب ، ولما تضمن قولهم أحق هو السؤال عن العذاب ، وكان سؤالا عن العذاب اللاحق بهم لا عن مطلق عذاب يقع بمن يقع. قيل : وما أنتم بمعجزين أي فائتين العذاب المسئول عنه ، بل هو لاحق بكم. واحتملت هذه الجملة