وقد يسمى سماء كل مرتفع |
|
وإنما الفضل حيث الشمس والقمر |
قيل : وقائل هذه هو ابن أبي أمية قال : لن نؤمن حتى تضع على السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها ثم تأتي معك بصك منشور معه أربعة من الملائكة يشهدون لك أن الأمر كما تقول ، ويحتمل أن يكون مجموع أولئك الصناديد قالوا ذلك وغيوا إيمانهم بحصول واحد من هذه المقترحات ، ويحتمل أن يكون كل واحد اقترح واحدا منها ونسب ذلك للجميع لرضاهم به أو تكون (أَوْ) فيها للتفضيل أي قال كل واحد منهم مقالة مخصوصة منها ، وما اكتفوا بالتغيية بالرقي (فِي السَّماءِ) حتى غيوا ذلك بأن ينزل عليهم (كِتاباً) يقرؤونه ، ولما تضمن اقتراحهم ما هو مستحيل في حق الله تعالى وهو أن يأتي (بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً) أمره تعالى بالتسبيح والتنزيه عما لا يليق به ، ومن أن يقترح عليه ما ذكرتم فقال (سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) أي ما كنت إلّا بشرا رسولا أي من الله إليكم لا مقترحا عليه ما ذكرتم من الآيات.
وقال الزمخشري : وما كانوا يقصدون بهذه الاقتراحات إلّا العناد واللجاج ، ولو جاءتهم كل آية لقالوا هذا سحر كما قال عز وعلا (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ) (١) وحين أنكروا. الآية الباقية التي هي القرآن وسائر الآيات ، وليست بدون ما اقترحوه بل هي أعظم لم يكن انتهى وشق القمر أعظم من شق الأرض ونبع الماء من بين أصابعه أعظم من نبع الماء من الحجر. وقرأ ابن كثير وابن عامر قال (سُبْحانَ رَبِّي) على الخبر تعجب عليه الصلاة والسلام من اقتراحاتهم عليه ، ونزه ربه عما جوزوا عليه من الإتيان والانتقال وذلك في حق الله مستحيل (هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً) مثلهم (رَسُولاً) ، والرسل لا تأتي إلّا بما يظهره الله عليهم من الآيات وليس أمرها إليهم إنما ذلك إلى الله.
(وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللهُ بَشَراً رَسُولاً قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ١٤.