بشكل ولا نقط ، والسند في معرفتها ضعيف والرواة مختلفون في قصصهم وكيف كان اجتماعهم وخروجهم ، ولم يأت في الحديث الصحيح كيفية ذلك ولا في القرآن إلّا ما قص تعالى علينا من قصصهم ، ومن أراد تطلب ذلك في كتب التفسير. وروي أن اسم الملك الكافر الذي خرجوا في أيامه عن ملته اسمه دقيانوس. وروي أنهم كانوا في الروم. وقيل : في الشام وأن بالشام كهفا فيه موتى ، ويزعم مجاوروه أنهم (أَصْحابَ الْكَهْفِ) وعليهم مسجد وبناء يسمى (الرَّقِيمِ) ومعهم كلب رمة. وبالأندلس في جهة غرناطة بقرب قرية تسمى لوشة كهف فيه موتي ومعهم كلب رمّة وأكثرهم قد انجرد لحمه وبعضهم متماسك ، وقد مضت القرون السالفة ولم نجد من علم شأنهم ويزعم ناس أنهم (أَصْحابَ الْكَهْفِ).
قال ابن عطية : دخلت إليهم فرأيتهم منذ أربع وخمسمائة وهم بهذه الحالة وعليهم مسجد وقريب منهم بناء رومي يسمى (الرَّقِيمِ) كأنه قصر مخلق قد بقي بعض جدرانه ، وهو في فلاة من الأرض خربة وبأعلى حضرة غرناطة مما يلي القبلة آثار مدينة قديمة يقال لها مدينة دقيوس. وجدنا في آثارها غرائب من قبور ونحوها وإنما استسهلت ذكر هذا مع بعده لأنه عجب يتخلد ذكره ما شاء الله عزوجل انتهى. وحين كنا بالأندلس كان الناس يزورون هذا الكهف ويذكرون أنهم يغلطون في عدتهم إذا عدوهم ، وأن معهم كلبا ويرحل الناس إلى لوشة لزيارتهم ، وأما ما ذكرت من مدينة دقيوس التي بقبلي غرناطة فقد مررت عليها مرارا لا تحصى ، وشاهدت فيها حجارة كبارا ، ويترجح كون أهل الكهف بالأندلس لكثرة دين النصارى بها حتى إنها هي بلاد مملكتهم العظمى ، ولأن الأخبار بما هو في أقصى مكان من أرض الحجاز أغرب وأبعد أن يعرفه أحد إلّا بوحي من الله تعالى.
والعامل في (إِذْ). قيل : أذكر مضمرة. وقيل (عَجَباً) ، ومعنى (أَوَى) جعلوه مأوى لهم ومكان اعتصام ، ثم دعوا الله تعالى أن يؤتيهم رحمة من عنده وفسرها المفسرون بالرزق. وقال الزمخشري : هي المغفرة والرزق والأمن من الأعداء. و (الْفِتْيَةُ) جمع فتى جمع تكسير جمع قلة ، وكذلك كانوا قليلين. وعند ابن السراج أنه اسم جمع لا جمع تكسير. ولفظ (الْفِتْيَةُ) يشعر بأنهم كانوا شبابا وكذا روي أنهم كانوا شبابا من أبناء الأشراف والعظماء مطوقين مسورين بالذهب ذوي ذوائب وهم من الروم ، اتبعوا دين عيسى عليهالسلام. وقيل : كانوا قبل عيسى وأصحابنا الأندلسيون تكثر في ألفاظهم تسمية نصارى الأندلس بالروم في نثرهم ونظمهم ومخاطبة عامتهم ، فيقولون : غزونا الروم ، جاءنا الروم. وقل من ينطق بلفظ النصارى ، ولما دعوا بإيتاء الرحمة وهي تتضمن الرزق وغيره ، دعوا الله