الهمزة. وقرأ الزهري بتخفيف اللام والإبدال ، وتقدم الخلاف في (رُعْباً) في آل عمران. وقرأ هنا بضم العين أبو جعفر وعيسى.
(وَكَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَداً إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً).
الكاف للتشبيه والإشارة بذلك. قيل إلى المصدر المفهوم من (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ) (١) أي مثل جعلنا إنامتهم هذه المدة الطويلة آية ، جعلنا بعثهم آية. قال الزجاج وحسنه الزمخشري. فقال : وكما أنمناهم تلك النومة (كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ) إذكارا بقدرته على الإماتة والبعث جميعا ، ليسأل بعضهم بعضا ويتعرّفوا حالهم وما صنع الله بهم ، فيعتبروا ويستدلوا على عظم قدرة الله ، ويزدادوا يقينا ويشكر وأما أنعم الله به عليهم وكرموا به انتهى. وناسب هذا التشبيه قوله تعالى حين أورد قصتهم أولا مختصرة (فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً ثُمَّ بَعَثْناهُمْ).
وقال ابن عطية : الإشارة بذلك إلى الأمر الذي ذكره الله في جهتهم والعبرة التي فعلها فيهم ، واللام في (لِيَتَساءَلُوا) لام الصيرورة لأن بعثهم لم يكن لنفس تساؤلهم انتهى. والقائل. قيل : كبيرهم مكسلمينا. وقيل : صاحب نفقتهم تمليخا وكم سؤال عن العدد والمعنى كم يوما أقمتم نائمين ، والظاهر صدور الشك من المسئولين. وقيل : (أَوْ) للتفصيل. قال بعضهم (لَبِثْنا يَوْماً). وقال بعضهم (بَعْضَ يَوْمٍ) والسائل أحس في خاطره طول نومهم ولذلك سأل. قيل : ناموا أول النهار واستيقظوا آخر النهار ، وجوابهم هذا مبني على غلبة الظن والقول بالظن الغالب لا يعد كذبا ، ولما عرض لهم الشك في الإخبار ردوا علم لبثهم إلى الله تعالى.
وقال الزمخشري : (قالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ) إنكار عليهم من بعضهم وأن الله تعالى أعلم بمدة لبثهم كان هؤلاء قد علموا بالأدلة أو بإلهام من الله أن المدة متطاولة وأن مقدارها مبهم لا يعلمه إلّا الله انتهى. ولما انتبهوا من نومهم أخذهم ما يأخذ من نام طويلا من الحاجة إلى الطعام ، واتصل (فَابْعَثُوا) بحديث التساؤل كأنهم قالوا خذوا فيما يهمكم
__________________
(١) سورة الكهف : ١٨ / ١١.