(رَجْماً بِالْغَيْبِ) رميا بالشيء المغيب عنهم أو ظنا ، استعير من الرجم كأن الإنسان يرمي الموضع المجهول عنده بظنه المرة بعد المرة يرجم به عسى أن يصيب ، ومنه الترجمان وترجمة الكتاب. وقول زهير :
وما الحرب إلّا ما علمتم وذقتم |
|
وما هو عنها بالحديث المرجم |
أي المظنون ، وأتت هذه عقب ما تقدم ليدل على أن قائل تلك المقالتين لم يقولوا ذلك عن علم وإنما قالوا ذلك على سبيل التخمين والحدس ، وجاءت المقالة الثالثة خالية عن هذا القيد مشعرة أنها هي المقالة الصادقة كما تقدم ذكر ذلك عن عليّ. وعن رسول الله عن جبريل عليهما الصلاة والسلام. وانتصب (رَجْماً) على أنه مصدر لفعل مضمر أي يرجمون بذلك ، أو لتضمين (سَيَقُولُونَ) و (يَقُولُونَ) معنى يرجمون ، أو لكونه مفعولا من أجله أي قالوا ذلك لرميهم بالخبر الخفي أو لظنهم ذلك ، أي الحامل لهم على هذا القول هو الرجم بالغيب.
و (ثَلاثَةٌ) خبر مبتدأ محذوف ، والجملة بعده صفة أي هم ثلاثة أشخاص ، وإنما قدرنا أشخاصا لأن (رابِعُهُمْ) اسم فاعل أضيف إلى الضمير ، والمعنى أنه ربعهم أي جعلهم أربعة وصيرهم إلى هذا العدد ، فلو قدر (ثَلاثَةٌ) رجال استحال أن يصير ثلاثة رجال أربعة لاختلاف الجنسين ، والواو في (وَثامِنُهُمْ) للعطف على الجملة السابقة أي (يَقُولُونَ) هم (سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) فأخبروا أولا بسبعة رجال جزما ، ثم أخبروا أخبارا ثانيا أن (ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) بخلاف القولين السابقين ، فإن كلا منهما جملة واحدة وصف المحدث عنه بصفة ، ولم يعطف الجملة عليه. وذكر عن أبي بكر بن عياش وابن خالويه أنها واو الثمانية ، وأن قريشا إذا تحدثت تقول ستة سبعة وثمانية تسعة فتدخل الواو في الثمانية ، وكونهما جملتين معطوف إحداهما على الأخرى مؤذن بالتثبيت في الإخبار بخلاف ما تقدم فإنهم أخبروا بشيء موصوف بشيء لم يتأخر عن الإخبار ، ولذلك جاء فيه (رَجْماً بِالْغَيْبِ) ولم يجىء في هاتين الجملتين بشيء يقدح فيهما. وقرىء وثامنهم كالبهم أي صاحب كلبهم ، وزعم بعضهم أنهم ثمانية رجال ، واستدل بهذه القراءة وأول قوله وكلبهم على حذف مضاف ، أي وصاحب كلبهم. وذهب بعض المفسرين إلى أن قوله (وَثامِنُهُمْ) ليس داخلا تحت قولهم بل لقولهم هو قوله : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ) ثم أخبر تعالى بهذا على سبيل الاستئناف ، وإذا كان استئنافا من الله دل ذلك على أنهم ثمانية بالكلب ، وأما (رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) و (سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ) فهو من جملة المحكي من قولهم ، لأن كلا من