لن كما فصل في قوله (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ) (١) و (بَلْ) للإضراب بمعنى الانتقال من خبر إلى خبر ليس بمعنى الإبطال ، والمعنى أن لن نجمع لإعادتكم وحشركم (مَوْعِداً) أي مكان وعد أو زمان وعد لإنجاز ما وعدتم على ألسنة الأنبياء من البعث والنشور ، والخطاب في (لَقَدْ جِئْتُمُونا) للكفار المنكرين البعث على سبيل تقريعهم وتوبيخهم.
(وَوُضِعَ الْكِتابُ) وقرأ زيد بن عليّ (وَوُضِعَ) مبنيا للفاعل (الْكِتابُ) بالنصب. و (الْكِتابُ) اسم جنس أي كتب أعمال الخلق ، ويجوز أن تكون الصحائف كلها جعلت كتابا واحدا ووضعته الملائكة لمحاسبة الخلق وإشفاقهم خوفهم من كشف أعمالهم السيئة وفضحهم وما يترتب على ذلك من العذاب السرمدي ، ونادوا هلكتهم التي هلكوا خاصة من بين الهلكات فقالوا يا ويلنا والمراد من بحضرتهم كأنهم قالوا يا من بحضرتنا انظروا هلكتنا ، وكذا ما جاء من نداء ما لا يعقل كقوله (يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ) (٢) (يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ) (٣) (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا) (٤) وقول الشاعر :
يا عجبا لهذه الفليقة |
|
فيا عجبا من رحلها المتحمل |
إنما يراد به تنبيه من يعقل بالتعجب مما حل بالمنادي. و (لا يُغادِرُ) جملة في موضع الحال. وعن ابن عباس : الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة. وعن ابن جبير : القبلة والزنا وعن غيره السهو والعمد. وعن الفضيل صبحوا والله من الصغائر قبل الكبائر ، وقدمت الصغيرة اهتماما بها ، وإذا أحصيت فالكبيرة أحرى (إِلَّا أَحْصاها) ضبطها وحفظها (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً) في الصحف عتيدا أو جزاء ما عملوا. (وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً) فيكتب عليه ما لم يعمل أو يزيد في عقابه الذي يستحقه أو يعذبه بغير جرم. قال الزمخشري : كما يزعم من ظلم الله في تعذيب أطفال المشركين انتهى. ولا يقال : إن ذلك ظلم منه تعالى لأنه تعالى كل مملوكون له فله أن يتصرف في مملوكيه بما يشاء ، لا يسأل عما يفعل ، والصحيح في أطفال المشركين أنهم يكونون في الجنة خدما لأهلها نص عليه في البخاري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم.
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ
__________________
(١) سورة القيامة : ٧٥ / ٣.
(٢) سورة يوسف : ١٢ / ٨٤.
(٣) سورة الزمر : ٣٩ / ٥٦.
(٤) سورة يس : ٣٦ / ٥٢.