ومعنى (ضِدًّا) أعوانا قاله ابن عباس. وقال الضحاك : أعداء. وقال قتادة : قرناء. وقال ابن زيد : بلاء. وقال ابن عطية : معناه يجيئهم منه خلاف ما كانوا أمّلوه فيؤول بهم ذلك إلى ذلة ضد ما أملوه من العز ، فالضد هنا مصدر وصف به الجمع كما يوصف به الواحد. وقال الزمخشري : والضد العون وحد توحيد وهم يد على من سواهم لاتفاق كلمتهم وأنهم كشيء واحد لفرط تضامنهم وتوافقهم ، ومعنى كونهم عونا عليهم أنهم وقود النار وحصب جهنم ولأنهم عذبوا بسبب عبادتهم.
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً).
(أَرْسَلْنَا) معناه سلطنا أو لم نحل بينهم وبينهم مثل قوله (نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) (١) وتعديته بعلى دليل على أنه تسليط و (تَؤُزُّهُمْ) تحركهم إلى الكفر. وقال قتادة : تزعجهم. وقال ابن زيد : تشليهم. وقال الزمخشري : تغريهم على المعاصي وتهيجهم لها بالوساوس والتسويلات ، والمعنى خلينا بينهم وبينهم ولم نمنعهم ولو شاء لمنعهم ، والمراد تعجيب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعد الآيات التي ذكر فيها العتاة من الكفار وأقاويلهم.
عجلت عليه بكذا إذا استعجلته منه أي لا تعجل عليهم بأن يهلكوا فليس بينك وبين ما تطلب من هلاكهم إلّا أيام محصورة وأنفاس معدودة كأنها في سرعة تقضيها الساعة التي تعد فيها لو عدت ونحوه قوله تعالى (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) (٢) انتهى. وقيل (نَعُدُّ) أعمالهم لنجازيهم. وقيل : آجالهم فإذا جاء أحللنا العقوبة بهم. وقيل : أيامهم التي سبق قضاؤنا أن نمهلهم إليها. وقيل : أنفاسهم ، وانتصب (يَوْمَ) باذكر أو احذر مضمرة أو على تقدير يكون ذلك جوابا لسؤال مقدر تقديره
__________________
(١) سورة الزخرف : ٤٣ / ٣٦.
(٢) سورة الأحقاف : ٤٦ / ٣٥.