(وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً).
لما بيّن تعالى أنه هو المتكفل بأرزاق العباد حيث قال (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) أتبعه بالنهي عن قتل الأولاد ، وتقدم تفسير نظير هذه الآية ، والفرق بين (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) ومن إملاق وبين قوله : (نَرْزُقُهُمْ) ونرزقكم. وقرأ الأعمش وابن وثاب (وَلا تَقْتُلُوا) بالتضعيف. وقرىء (خَشْيَةَ) بكسر الخاء ، وقرأ الجمهور (خِطْأً) بكسر الخاء وسكون الطاء. وقرأ ابن كثير بكسرها وفتح الطاء والمدّ ، وهي قراءة طلحة وشبل والأعمش ويحيى وخالد بن إلياس وقتادة والحسن والأعرج بخلاف عنهما. وقال النحاس : لا أعرف لهذه القراءة وجها ولذلك جعلها أبو حاتم غلطا. وقال الفارسي : هي مصدر من خاطأ يخاطىء وإن كنا لم نجد خاطأ ولكن وجدنا تخاطأ وهو مطاوع خاطأ ، فدلنا عليه فمنه قول الشاعر :
تخاطأت النبل أخشاه |
|
وأخر يومي فلم يعجل |
وقول الآخر في كمأة
تخاطأه القناص حتى وجدته |
|
وخرطومه في منقع الماء راسب |
فكان هؤلاء الذين يقتلون أولادهم يخاطئون الحق والعدل. وقرأ ابن ذكوان (خِطْأً) على وزن نبأ. وقرأ الحسن خطاء بفتحهما والمد جعله اسم مصدر من أخطأ كالعطاء من أعطى قاله ابن جنّي. وقال أبو حاتم : هي غلط غير جائز ولا يعرف هذا في اللغة ، وعنه أيضا خطى كهوى خفف الهمزة فانقلبت ألفا وذهبت لالتقائهما. وقرأ أبو رجاء والزهري كذلك إلّا أنهما كسرا الخاء فصار مثل ربا وكلاهما من خطىء في الدين وأخطأ في الرأي ، لكنه قد يقام كل واحد منهما مقام الآخر وجاء عن ابن عامر (خِطْأً) بالفتح والقصر مع إسكان الطاء وهو مصدر ثالث من خطىء بالكسر.
(وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) : لما نهى تعالى عن قتل الأولاد نهى عن التسبب في إيجاده من الطريق غير المشروعة ، فنهى عن قربان الزنا واستلزم ذلك النهي عن الزنا ، والزنا الأكثر فيه القصر ويمد لغة لا ضرورة ، هكذا نقل اللغويون. ومن المدّ قول الشاعر وهو الفرزدق :