ابن عباس. وقيل (الزَّبُورِ) ما بعد التوراة من الكتب و (الذِّكْرِ) التوراة وقيل (الزَّبُورِ) يعم الكتب المنزلة و (الذِّكْرِ) اللوح المحفوظ. (الْأَرْضَ) قال ابن عباس أرض الجنة. وقيل : الأرض المقدسة (يَرِثُها) أمة محمد صلىاللهعليهوسلم.
والإشارة في قوله (إِنَّ فِي هذا) أي المذكور في هذه السورة من الأخبار والوعد والوعيد والمواعظ البالغة لبلاغا كفاية يبلغ بها إلى الخير. وقيل : الإشارة إلى القرآن جملة ، وكونه عليهالسلام رحمة لكونه جاءهم بما يسعدهم.
(لِلْعالَمِينَ) قيل خاص بمن آمن به. وقيل : عام وكونه (رَحْمَةً) للكافر حيث أخر عقوبته ، ولم يستأصل الكفار بالعذاب قال معناه ابن عباس. قال : عوفي مما أصاب غيرهم من الأمم من مسخ وخسف وغرق وقذف وأخر أمره إلى الآخرة. قال ابن عطية : ويحتمل أن يكون معناه (وَما أَرْسَلْناكَ) للعالمين (إِلَّا رَحْمَةً) أي هو رحمة في نفسه وهدى بين أخذ به من أخذ وأعرض عنه من أعرض انتهى. ولا يجوز على المشهور أن يتعلق الجار بعد (إِلَّا) بالفعل قبلها إلا أن كان العامل مفرغا له نحو ما مررت إلّا بزيد. وقال الزمخشري : إنما تقصر الحكم على شيء أو لقصر الشيء على حكم كقولك : إنما زيد قائم وإنما يقوم زيد وقد اجتمع ، المثلان في هذه الآية لأن (إِنَّما يُوحى إِلَيَ) مع فاعله بمنزلة إنما يقوم زيد و (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) بمنزلة إنما زيد قائم ، وفائدة اجتماعهما الدلالة على أن الوحي إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم مقصور على استئثار الله بالوحدانية انتهى.
وأما ما ذكره في (إِنَّما) إنها لقصر ما ذكر فهو مبني على إنما للحصر وقد قررنا أنها لا تكون للحصر ، وإنما مع أن كهي مع كان ومع لعل ، فكما أنها لا تفيد الحصر في التشبيه ولا الحصر في الترجي فكذلك لا تفيده مع أن وأما جعله (إِنَّما) المفتوحة الهمزة مثل مكسورتها يدل على القصر ، فلا نعلم الخلاف إلّا في (إِنَّما) بالكسر ، وأما بالفتح فحرف مصدري ينسبك منع مع ما بعدها مصدر ، فالجملة بعدها ليست جملة مستقلة ، ولو كانت إنما دالة على الحصر لزم أن يقال إنه لم يوح إليه شيء إلّا التوحيد. وذلك لا يصح الحصر فيه إذ قد أوحى له أشياء غير التوحيد وفي الآية دليل على تظافر المنقول للمعقول وأن النقل أحد طريقي التوحيد ، ويجوز في ما من (إِنَّما) أن تكون موصولة.
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) استفهام يتضمن الأمر بإخلاص التوحيد والانقياد إلى الله تعالى (آذَنْتُكُمْ) أعلمتكم وتتضمن معنى التحذير والنذارة (عَلى سَواءٍ) لم أخص أحدا