لا علم له به. وهذا الظاهر. وقال الزجاج : يستشهد بها كما قال (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) (١). وقال القرطبي في أحكامه : يسأل الفؤاد عما اعتقده ، والسمع عما سمع ، والبصر عما رأى. وقال ابن عطية : إن الله تعالى يسأل سمع الإنسان وبصره وفؤاده عما قال مما لا علم له به ، فيقع تكذيبه من جوارحه وتلك غاية الخزي. وقيل : الضمير في (كانَ) و (مَسْؤُلاً) عائدان على القائف ما ليس له به علم ، والضمير في (عَنْهُ) عائد على (كُلُ) فيكون ذلك من الالتفات إذ لو كان على الخطاب لكان التركيب كل أولئك كنت عنه مسؤولا.
وقال الزمخشري : و (عَنْهُ) في موضع الرفع بالفاعلية ، أي كل واحد منها كان مسؤولا عنه ، فمسؤول مسند إلى الجار والمجرور كالمغضوب في قوله (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) (٢) يقال للإنسان : لم سمعت ما لا يحل لك سماعه؟ ولم نظرت ما لم يحل لك النظر إليه؟ ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه؟ انتهى. وهذا الذي ذهب إليه من أن (عَنْهُ) في موضع الرفع بالفاعلية ، ويعني به أنه مفعول لم يسم فاعله لا يجوز لأن الجار والمجرور وما يقام مقام الفاعل من مفعول به ومصدر وظرف بشروطهما جار مجرى الفاعل ، فكما أن الفاعل لا يجوز تقديمه فكذلك ما جرى مجراه وأقيم مقامه ، فإذا قلت غضب على زيد فلا يجوز على زيد غضب بخلاف غضبت على زيد فيجوز على زيد غضبت. وقد حكي الاتفاق من النحويين على أنه لا يجوز تقديم الجار والمجرور الذي يقام مقام الفاعل على الفعل أبو جعفر النحاس ذكر ذلك في المقنع من تأليفه ، فليس (عَنْهُ مَسْؤُلاً) كالمغضوب عليهم لتقدّم الجار والمجرور في (عَنْهُ مَسْؤُلاً) وتأخيره في (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) وقول الزمخشري : ولم نظرت ما لم يحل لك أسقط إلى ، وهو لا يجوز إلّا إن جاء في ضرورة شعر لأن نظر يتعدّى بإلى فكان التركيب ، ولم نظرت إلى ما لم يحل لك كما قال النظر إليه فعداه بإلى.
وانتصب (مَرَحاً) على الحال أي (مَرَحاً) كما تقول : جاء زيد ركضا أي راكضا أو على حذف مضاف أي ذا مرح ، وأجاز بعضهم أن يكون مفعولا من أجله أي (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ) للمرح ولا يظهر ذلك ، وتقدم أن المرح هو السرور والاغتباط بالراحة والفرح وكأنه ضمن معنى الاختيال لأن غلبة السرور والفرح يصحبها التكبر والاختيال ، ولذلك بقوله
__________________
(١) سورة النور : ٢٤ / ٢٤.
(٢) سورة الفاتحة : ١ / ٧.