انتهى. وقيل : استقلوا لبثهم في عرصة القيامة لأنه لما كانت عاقبة أمرهم الدخول إلى النار استقصروا مدة لبثهم في برزخ القيامة. وقيل : تم الكلام عند قوله (قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً).
و (يَوْمَ يَدْعُوكُمْ) خطاب مع المؤمنين لا مع الكافرين لأنهم يستجيبون لله (بِحَمْدِهِ) يحمدونه على إحسانه إليهم فلا يليق هذا إلّا بهم. وقيل : يحمده المؤمن اختيارا والكافر اضطرارا ، وهذا يدل على أن الخطاب للكافر والمؤمن وهو الذي يدل عليه ما روي عن ابن جبير ، وإذا كان الخطاب للكفار وهو الظاهر فيحمل أن يكون الظن على بابه فيكون لما رجعوا إلى حالة الحياة وقع لهم الظن أنهم لم ينفصلوا عن الدنيا إلّا في زمن قليل إذ كانوا في ظنهم نائمين ، ويحتمل أن يكون بمعنى اليقين من حيث علموا أن ذلك منقض متصرم. والظاهر أن (وَتَظُنُّونَ) معطوف على تستجيبون وقاله الحوفي. وقال أبو البقاء : أي وأنتم (تَظُنُّونَ) والجملة حال انتهى. وأن هنا نافية ، (وَتَظُنُّونَ) معلق عن العمل فالجملة بعده في موضع نصب ، وقلما ذكر النحويون في أدوات التعليق أن النافية ، ويظهر أن انتصاب قليلا على أنه نعت لزمان محذوف أي إلّا زمن قليلا. كقوله (قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ) (١) ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف أي لبثا قليلا ودلالة الفعل على مصدره دلالة قوية.
(قُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً).
قيل : سبب نزولها أن عمر بن الخطاب رضياللهعنه شتمه بعض الكفرة ، فسبه عمر وهم بقتله فكاد يثير فتنة فنزلت الآية وهي منسوخة بآية السيف ، وارتباطها بما قبلها أنه لما تقدم ما نسب الكفار لله تعالى من الولد ، ونفورهم عن كتاب الله إذا سمعوه ، وإيذاء الرسول صلىاللهعليهوسلم ونسبته إلى أنه مسحور ، وإنكار البعث كان ذلك مدعاة لإيذاء المؤمنين ومجلبة لبغض المؤمنين إياهم ومعاملتهم بما عاملوهم ، فأمر الله تعالى نبيه أن يوصي المؤمنين
__________________
(١) سورة المؤمنون : ٢٣ / ١١٣.