وقال الجوهري : الشرذمة : الطائفة من الناس ، والقطعة من الشيء ، وثوب شراذم : أي قطع. انتهى. وقيل : السفلة من الناس. كبكبه : قلب بعضه على بعض ، وحروفه كلها أصول عند جمهور البصريين. وقال الزمخشري : الكبكبة : تكرير الكب ، جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى. وقال ابن عطية : كبكب مضاعف من كب ، هذا قول الجمهور ، وهو الصحيح ، لأن معناهما واحد ، والتضعيف في الفعل نحو : صر وصرصر. انتهى. وقول الزمخشري وابن عطية هو قول الزجاج ، وهو أنه يزعم أن نحو كبكبة مما يفهم المعنى بسقوط ثالثه ، هو مما ضوعف فيه الباء. وذهب الكوفيون إلى أن الثالث بدل من مثل الثاني ، فكان أصله كبب ، فأبدل من الباء الثانية كاف ، الحميم : الولي القريب ، وحامة الرجل : خاصته. وقال الزمخشري : الحميم من الاحتمام ، وهو الاهتمام ، وهو الذي يهمه ما أهمك ؛ أو من الحامة بمعنى الخاصة ، وهو الصديق الخالص.
(طسم ، تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ، لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ، إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ ، وَما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ ، فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبؤُا ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ، أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ، وَإِذْ نادى رَبُّكَ مُوسى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ، قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ ، قالَ رَبِّ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ، وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلا يَنْطَلِقُ لِسانِي فَأَرْسِلْ إِلى هارُونَ ، وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ ، قالَ كَلَّا فَاذْهَبا بِآياتِنا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ ، فَأْتِيا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ ، أَنْ أَرْسِلْ مَعَنا بَنِي إِسْرائِيلَ).
هذه السورة كلها مكية في قول الجمهور إلا أربع آيات من : (وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ) إلى آخر السورة ، وقاله ابن عباس وعطاء وقتادة. وقال مقاتل : (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً) ، الآية مدنية. ومناسبة أولها لآخر ما قبلها أنه قال تعالى : (فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) (١) ذكر تلهف رسول الله صلىاللهعليهوسلم على كونهم لم يؤمنوا ، وكونهم كذبوا بالحق ، لما جاءهم. ولما أوعدهم في آخر السورة بقوله : (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) ، أوعدهم في أول هذه فقال في إثر إخباره بتكذيبهم فسوف يأتيهم (أَنْباءُ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ). وتلك إشارة إلى آيات السورة ، أو آيات القرآن. وأمال فتحة الطاء حمزة والكسائي ، وأبو بكر وباقي السبعة : بالفتح ؛ وحمزة بإظهار نون سين ، وباقي السبعة بإدغامها ؛ وعيسى بكسر الميم من طسم هنا
__________________
(١) سورة الفرقان : آية ٢٥ / ٧٧.