بالعصمة من أن يقع واحد منهم في مثل فعل قومه. ودل دعاؤه بالتنجية لأهله على أنهم كانوا مؤمنين. ولما كانت زوجته مندرجة في الأهل ، وكان ظاهر دعائه دخولها في التنجية ، وكانت كافرة استثنيت في قوله : (فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ) ، ودل قوله : عجوزا ، على أنها قد عسيت في الكفر ودامت فيه إلى أن صارت عجوزا. ومن الغابرين صفة ، أي من الباقين من لداتها وأهل بيتها ، قاله أبو عبيدة. وقال قتادة : من الباقين في العذاب النازل بهم. وتقدّم القول في غبر ، وأنه يستعمل بمعنى بقي ، وهو المشهور ، وبمعنى مضى. ونجاته عليهالسلام أن أمره تعالى بالرّحلة ليلا ، وكانت امرأته كافرة تعين عليه قومه ، فأصابها حجر ، فهلكت فيمن هلك. قال قتادة : أمطر الله على شذاذ القوم حجارة من السماء فأهلكهم. وقال قتادة : أتبع الائتفاك مطرا من الحجارة. وساء : بمعنى بئس ، والمخصوص بالذم محذوف ، أي مطرهم. وقال مقاتل : خسف الله بقوم لوط ، وأرسل الحجارة إلى من كان خارجا من القرية ، ولم يكن فيها مؤمن إلا بيت لوط.
(كَذَّبَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ، إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ ، وَما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلى رَبِّ الْعالَمِينَ ، أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ ، وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ، وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ، وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ ، قالُوا إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ ، وَما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ ، فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ، قالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِما تَعْمَلُونَ ، فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ).
قرأ الحرميان وابن عامر : ليكة هنا ، وفي ص بغير لام ممنوع الصرف. وقرأ باقي السبعة الأيكة ، بلام التعريف. فأما قراءة الفتح ، فقال أبو عبيد : وجدنا في بعض التفسيران : ليكة : اسم للقرية ، والأيكة : البلاد كلها ، كمكة وبكة ، ورأيتها في الإمام مصحف عثمان في الحجر وق : الأيكة ، وفي الشعراء وص : ليكة ، واجتمعت مصاحف الأمصار كلها بعد على ذلك ولم تختلف. انتهى. وقد طعن في هذه القراءة المبرد وابن قتيبة والزجاج وأبو عليّ الفارسي والنحاس ، وتبعهم الزمخشري ؛ ووهموا القراء وقالوا : حملهم على ذلك كون الذي كتب في هذين الموضعين على اللفظ في من نقل حركة الهمزة إلى اللام وأسقط الهمزة ، فتوهم أن اللام من بنية الكلمة ففتح الياء ، وكان