وقال الحسن : عنى بهذا الوعيد واللعن المنافقين ، وأنهم قصدوا وأحبوا إذاية الرسول صلىاللهعليهوسلم وذلك كفر وملعون فاعله. وقال أبو مسلم : هم المنافقون أوعدهم الله بالعذاب في الدنيا على يد الرسول بالمجاهدة كقوله (جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ) (١). وقال الكرماني : والله يعلم كذبهم (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) لأنه غيب. وجواب (لَوْ لا) محذوف أي لعاقبكم. (أَنَّ اللهَ رَؤُفٌ) بالتبرئة (رَحِيمٌ) بقبول توبة من تاب ممن قذف. قال ابن عباس : الخطاب لحسان ومسطح وحمنة والظاهر العموم.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الشَّيْطانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ ما زَكى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَداً وَلكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢١) وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢) إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ الْغافِلاتِ الْمُؤْمِناتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥) الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)
تقدم الكلام على (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) تفسيرا وقراءة في البقرة. والضمير في (فَإِنَّهُ) عائد على (مَنْ) الشرطية ، أي فإن متبع خطوات الشيطان (يَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ) وهو ما أفرط قبحه (وَالْمُنْكَرِ) وهو ما تنكره العقول السليمة أي يصير رأسا في الضلال بحيث يكون آمرا يطيعه أصحابه.
(وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) بالتوبة الممحصة ما طهر أحد منكم. وقرأ الجمهور (ما زَكى) بتخفيف الكاف ، وأمال حمزة والكسائي وأبو حيوة والحسن والأعمش وأبو جعفر في رواية وروح بتشديدها ، وأماله الأعمش وكبت (زَكى) المخفف بالياء وهو
__________________
(١) سورة التوبة : ٩ / ٧٣ ، وسورة التحريم : ٦٦ / ٩.