لهم بوقتها ، وأن الكفار في شك منها عمون ، ناسب ذكر مقالاتهم في استبعادها ، وأن ما وعدوا به من ذلك ليس بصحيح ، إنما ذلك ما سطر الأولون من غير إخبار بذلك عن حقيقة.
وقرأ ابن كثير ، وأبو عمرو : (أَإِذا ، أَإِنَّا) بالجمع بين الاستفهامين ؛ وقلب الثانية ياء ، وفصل بينهما بألف أبو عمرو ، وقرأهما عاصم وحمزة : بهمزتين ، ونافع : إذا بهمزة مكسورة ، آينا بهمزة الاستفهام ، وقلب الثانية ياء ، وبينهما مدة ، والباقون : آئذا ، باستفهام ممدود ، إننا : بنونين من غير استفهام ، والعامل في إذا محذوف دل على مضمون الجملة الثانية تقديره : يخرج ويمتنع إعمال لمخرجون فيه ، لأن كلّا من إن ولام الابتداء والاستفهام يمنع أن يعمل ما بعده فيما قبله ، إلا اللام الواقعة في خبر إن ، فإنه يتقدم معمول الخبر عليها وعلى الخبر على ما قرر في علم النحو.
(وَآباؤُنا) : معطوف على اسم كان ، وحسن ذلك الفضل بخبر كان. والإخراج هنا من القبور أحياء ، مردودا أرواحهم إلى الأجساد ، والجمع بين الاستفهام في إذا وفي إنا إنكار على إنكار ، ومبالغة في كون ذلك لا يكون ، والضمير في إننا لهم ولآبائهم ، لأن صيرورتهم ترابا ، شامل للجميع. ثم ذكروا أنهم وعدوا ذلك هم وآباؤهم ، فلم يقع شيء من هذا الموعود ، ثم جزموا وحصروا أن ذلك من أكاذيب من تقدم. وجاء هنا تقديم الموعود به ، وهو هذا ، وتأخر في آية أخرى على حسب ما سيق الكلام لأجله. فحيث تأكد الإخبار عنهم بإنكار البعث والآخرة ، عمدوا إليها بالتقديم على سبيل الاعتناء ، وحيث لم يكن ذلك ، عمدوا إلى إنكار إيجاد المبعوث ، فقدموه وأخروا الموعود به ، ثم أمر نبيه أن يأمرهم بالسير في الأرض ؛ وتقدم الكلام في نظير هذه الآية في أوائل الأنعام. وأراد بالمجرمين : الكافرين ، ثم سلى نبيه فقال : (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) : أي في كونهم لم يسلموا ولم يذعنوا إلى ما جئت به ، (وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ) : أي في حرج وأمر شاق عليك (مِمَّا يَمْكُرُونَ) ، فإن مكرهم لاحق بهم ، لا بك ، والله يعصمك منهم. وتقدّمت قراءة ضيق ، بكسر الضاد وفتحها ، وهما مصدران. وكره أبو علي أن يكون المفتوح الضاد ، أصله ضيق ، بتشديد الياء فخفف ، كلين في لين ، لأن ذلك يقتضي حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، وليست من الصفات التي تقوم مقام الموصوف باطراد. وأجاز ذلك الزمخشري ، قال : ويجوز أن يراد في أمر ضيق من مكرهم.
ولما استعجلت قريش بأمر الساعة ، أو بالعذاب الموعود به هم ، وسألوا عن وقت