القرى : مكة ، ويكون الرسول : محمدا صلىاللهعليهوسلم ، خاتم الأنبياء ، وظلم أهلها : هو بالكفر والمعاصي. (وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ) : أي حسن يسركم وتفخرون به ، (فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها) : تمتعون أياما قلائل ، (وَما عِنْدَ اللهِ) : من النعيم الدائم الباقي المعد للمؤمنين ، (خَيْرٌ). من متاعكم ، (أَفَلا تَعْقِلُونَ) : توبيخ لهم. وقرأ أبو عمرو : يعقلون ، بالياء ، إعراض عن خطابهم وخطاب لغيرهم ، كأنه قال : انظروا إلى هؤلاء وسخافة عقولهم. وقرأ الجمهور : بالتاء من فوق ، على خطابهم وتوبيخهم ، في كونهم أهملوا العقل في العاقبة. ونسب هذه القراءة أبو علي في الحجة إلى أبو عمرو وحده ، وفي التحرير والتحبير بين الياء والتاء ، عن أبي عمرو. وقرىء : متاعا الحياة الدنيا ، أي يمتعون متاعا في الحياة الدنيا ، فانتصب الحياة الدنيا على الظرف.
(أَفَمَنْ وَعَدْناهُ) : يذكر تفاوت ما بين الرجلين من وعد ، (وَعْداً حَسَناً) ، وهو الثواب ، فلاقاه ، ومن متع في الحياة الدنيا ، ثم أحضر إلى النار. وظاهر الآية العموم في المؤمن والكافر. قيل : ونزلت في الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وأبي جهل. وقيل : في حمزة وأبي جهل. وقيل : في عليّ وأبي جهل. وقيل : في عمار والوليد بن المغيرة. وقيل : نزلت في المؤمن والكافر ، وغلب لفظ المحضر في المحضر إلى النار كقوله : (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) (١) ، (فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) (٢). والفاء في : (أَفَمَنْ) ، للعطف ، لما ذكر تفاوت ما بين ما أوتوا من المتاع والزينة ، وما عند الله من الثواب ، قال : أفبعد هذا التفاوت الظاهر يسوى بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا؟ والفاء في : (فَهُوَ لاقِيهِ) ، للتسبيب ، لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد الذي هو الضمان في الخبر ، وثم للتراخي حال الإحضار عن حال التمتع بتراخي وقته عن وقته. وقرأ طلحة : أمن وعدناه ، بغير فاء.
(وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ، قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ ، وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ ، وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ ، فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ ، فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ، وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ ، وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ ، وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ، قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ
__________________
(١) سورة الصافات : ٣٧ / ٥٧.
(٢) سورة الصافات : ٣٧ / ١٢٧.