أن كعب بن الأشرف وأصحابه قالوا : يا محمد! من يشهد بأنك رسول الله؟ فنزلت : (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً) : أي قد بلغت وأنذرت ، وأنكم جحدتم وكذبتم ، وهو العالم (ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، فيعلم أمري وأمركم ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ). قال ابن عباس : بغير الله. وقال مقاتل : بعبادة الشيطان. وقيل : بالصنم.
(وَيَسْتَعْجِلُونَكَ) : أي كفار قريش في قولهم : (ائْتِنا بِما تَعِدُنا) (١) ، وقول النضر : (فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً) (٢) ، وهو استعجال على جهة التعجيز والتكذيب والاستهزاء بالعذاب الذي كان يتوعدهم به الرسول. والأجل المسمى : ما سماه الله وأثبته في اللوح لعذابهم ، وأوجبت الحكمة تأخيره. وقال ابن جبير : يوم القيامة. وقال ابن سلام : أجل ما بين النفختين ، وقيل : يوم بدر. (وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً) : أي فجأة ، وهو ما ظهر يوم بدر ، وفي السنين السبع. ثم كرر فعلهم وقبحه ، وأخبر أن وراءهم جهنم ، تحيط بهم. وانتصب (يَوْمَ يَغْشاهُمُ) بمحيطة. وقرأ الكوفيون ، ونافع : (وَيَقُولُ) : أي الله ؛ وباقي السبعة : بالنون ، نون العظمة ، أو نون جماعة الملائكة ؛ وأبو البرهسم : بالتاء ، أي جهنم ؛ كما نسب القول إليها في : (وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ) (٣). وقرأ ابن مسعود ، وابن أبي عبلة : ويقال ، مبنيا للمفعول.
(يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ، كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ ، وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ، الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ، اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ، وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ ، وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ ، فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ ، لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ، أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ ، وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ٧٧.
(٢) سورة الأنفال : ٨ / ٣٢.
(٣) سورة ق : ٥٠ / ٣٠.