(فِي رَوْضَةٍ) ، الروضة ، الأرض ذات النبات والماء ، وفي المثل : أحسن من بيضة ، يريدون : بيض النعامة ، والروضة مما تعجب العرب ، وقد أكثروا من مدحها في أشعارهم. (يُحْبَرُونَ) : يسرون. حبره : سره سرورا ، وتهلل له وجهه وظهر له أثره. يحبر بالضم ، حبرا وحبرة وحبورا ، وفي المثل : امتلأت بيوتهم حبرة فهم ينتظرون العبرة. وحكى الكسائي : حبرته : أكرمته ونعمته. وقال علي بن سليمان : هو من قولهم : على أسنانه حبرة ، أي أثر ، أي يسير عليهم أثر النعمة. وقيل : من التحبير ، وهو التحسين ، أي يحسنون. ويقال : فلان حسن الحبر والسبر ، بالفتح ، إذا كان جميلا حسن الهيئة. وقال ابن عباس ، والضحاك ، ومجاهد : يكرمون. وقال يحيى بن أبي كثير ، والأوزاعي ، ووكيع : يسمعون الأغاني. وقال أبو بكر ، وابن عباس : يتوجون على رؤوسهم. وقال ابن كيسان : يحلون. ومعنى (مُحْضَرُونَ) : مجموعون له ، لا يغيب أحد منهم عنه بقوله : (وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها) (١) ، وجاء في روضة منكرا وفي العذاب معرفا. قال الزمخشري : والتنكير لإبهام أمرها وتفخيمه ، وجاء يحبرون بالفعل المضارع لاستعماله للتجدد ، لأنهم كل ساعة يأتيهم ما يسرون به من متجددات الملاذ وأنواعها المختلفة. وجاء (مُحْضَرُونَ) باسم الفاعل لاستعماله للثبوت ، فهم إذا دخلوا العذاب يبقون فيه محضرين ، فهو وصف لا ذم لهم.
(فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ، يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ ، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ ، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ، وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ ، وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ، وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ).
لما بين تعالى عظيم قدرته في خلق السموات والأرض بالحق ، وهو حالة ابتداء العالم ، وفي مصيرهم إلى الجنة والنار ، وهي حالة الانتهاء ، أمر تعالى بتنزيهه من كل
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٣٧.