الرجال بالذاب عن المناضل دونه عند الخوف. (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) في تلك الحالة ، كما ينظر المغشي عليه من معالجة سكرات الموت ، حذرا وخورا ولواذا ، فإذا ذهب الخوف وحيزت الغنائم ووقعت القسمة ، نقلوا ذلك الشح وتلك الضنة والرفرفة عليكم إلى الخير ، وهو المال والغنيمة وسوء تلك الحالة الأولى ، واجترءوا عليكم وضربوكم بألسنتهم ، وقالوا : وفروا قسمتنا ، فإنا قد شاهدناكم وقاتلنا معكم ، وبمكاننا غلبتم عدوكم ، وبنا نصرتم عليهم. انتهى. وهو تكثير وتحميل للفظ ما لا يحتمله كعادته. وقرأ الجمهور : (أَشِحَّةً) ، بالنصب. قال الفراء : على الذم ، وأجاز نصبه على الحال ، والعامل يعوقون. وقال الطبري : حال من (هَلُمَّ إِلَيْنا). وقال الزجاج : حال من (وَلا يَأْتُونَ) ؛ وقيل : حال من (الْمُعَوِّقِينَ) ؛ وقيل : من (الْقائِلِينَ) ، ورد القولان بأن فيهما تفريقا بين الموصول وما هو من تمام صلته. وقرأ ابن أبي عبلة : أشحة ، بالرفع على إضمار مبتدأ ، أي هم أشحة.
(فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ) من العدو ، وتوقع أن يستأصل أهل المدينة ، لاذ هؤلاء المنافقون بك ينظرون نظر الهلوع المختلط النظر ، الذي يغشى عليه من الموت. و (تَدُورُ) : في موضع الحال ، أي دائرة أعينهم. (كَالَّذِي) : في موضع الصفة لمصدر محذوف ، وهو مصدر مشبه ، أي دورانا كدوران عين الذي يغشى عليه. فبعد الكاف محذوفان وهما : دوران وعين ، ويجوز أن يكون في موضع الصفة لمصدر من (يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ) ، نظرا كنظر الذي يغشى عليه. وقيل : إذا جاء الخوف من القتال ، وظهر المسلمون على أعدائهم ، (رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ) في رؤوسهم ، وتجول وتضطرب رجاء أن يلوح لهم. قال قتادة : بسطوا ألسنتهم فيكم. قال يزيد بن رومان : في أذى المؤمنين وسبهم وتنقيص الشرع. وقال قتادة : في طلب العطاء من الغنيمة ، والإلحاف في المسألة. وقيل : السلق في مخادعة المؤمنين بما يرضيهم من القول على جهة المصانعة والمجاملة. وقرأ الجمهور : (سَلَقُوكُمْ) ، بالسين ؛ وابن أبي عبلة : بالصاد. وقرأ ابن أبي عبلة : أشحة بالرفع ، أي هم أشحة ؛ والجمهور : بالنصب على الحال من (سَلَقُوكُمْ) ، وعلى الخبر يدل على عموم الشح في قوله أولا : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ). وقيل : في هذا : أشحة على مال الغنائم. وقيل : على مالهم الذي ينفقونه. وقيل : على الرسول بظفره.
(أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا) ، إشارة إلى المنافقين : أي لم يكن لهم قط إيمان. والإحباط : عدم قبول أعمالهم ، فكانت كالمحبطة. وقال الزمخشري : فإن قلت : هل يثبت للمنافق عمل حتى يرد عليه الإحباط؟ قلت : لا ، ولكن تعليم لمن عسى يظن أن الإيمان باللسان