يعدل عن أمرنا الذي أمرناه به من طاعة سليمان. وقرىء : يزغ بضم الياء من أزاغ : أي ومن يمل ويصرف نفسه عن أمرنا. و (عَذابِ السَّعِيرِ) : عذاب الآخرة ، قاله ابن عباس. وقال السدي : كان معه ملك بيده سوط من نار ، كلما استعصى عليه ضربه من حيث لا يراه الجني. ولبعض الباطنية ، أو من يشبههم ، تحريف في هذه الجمل. إن تسبيح الجبال هو نوع قوله : (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) (١) ، وإن تسخير الريح هو أنه راض الخيل وهي كالريح ، وإن (غُدُوُّها شَهْرٌ) يكون فرسخا ، لأن من يخرج للتفرج لا يسير في غالب الأمر أشد من فرسخ. وإلانة الحديد وإسالة القطر هو استخراج ذوبهما بالنار واستعمال الآلات منهما.
(وَمِنَ الْجِنِ) : هم ناس من بني آدم أقوياء شبهوا بهم في قواهم ، وهذا تأويل فاسد وخروج بالجملة عما يقوله أهل التفسير في الآية ، وتعجيز للقدرة الإلهية ، نعوذ بالله من ذلك. والمحاريب ، قال مجاهد : المشاهد ، سميت باسم بعضها تجوزا. وقال ابن عطية : القصور. وقال قتادة : كليهما. وقال ابن زيد : مساكن. وقيل : ما يصعد اليه بالدرج ، كالغرف. والتماثيل : الصور ، وكانت لغير الحيوان. وقال الضحاك : كانت تماثيل حيوان ، وكان عملها جائزا في ذلك الشرع. وقال الزمخشري : هي صور الملائكة والنبيين ، والصالحين ، كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ، ليراها الناس ، فيعبدوا نحو عبادتهم ، وهذا مما يجوز أن يختلف فيه الشرائع ، لأنه ليس من مقبحات الفعل ، كالظلم والكذب. وعن أبي العالية : لم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرما ، أو صورا محذوفة الرؤوس. انتهى ، وفيه بعض حذف. وقيل : التماثيل طلسمات ، فيعمل تمثالا للتمساح ، أو للذباب ، أو للبعوض ، ويأمر أن لا يتجاوز ذلك الممثل به ما دام ذلك التمثال والتصوير حرام في شريعتنا. وقد ورد تشديد الوعيد على المصورين ، ولبعض العلماء استثناء في شيء منها. وفي حديث سهل بن حنيف : لعن الله المصورين ، ولم يستثن عليه الصلاة والسلام. وحكى مكي في الهداية أن قوما أجازوا التصوير ، وحكاه النحاس عن قوم واحتجوا بقوله : (وَتَماثِيلَ) ، قاله ابن عطية ، وما أحفظ من أئمة العلم من يجوزه. وقرىء : (كَالْجَوابِ) بلا ياء ، وهو الأصل ، اجتزاء بالكسرة ، وإجراء الألف واللام مجرى ما عاقبها ، وهو التنوين ، وكما يحذف مع التنوين يحذف مع ما عاقبه ، وهو أل. والراسيات : الثابتات على الأثافي ، فلا تنقل ولا تحمل لعظمها. وقدمت المحاريب
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٤٤.