إبليس ، لأهله خيرا ، ولا يعيده : أي لا ينفعهم في الدنيا والآخرة. وقيل : الشيطان : الباطل ، لأنه صاحب الباطل ، لأنه هالك ، كما قيل له الشيطان من شاط إذا هلك. وقيل : الحق : السيف. عن ابن مسعود : دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم مكة ، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما ، فجعل يطعنها بعود نبقة ويقول : «(جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (١) ، (جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ)».
وقرأ الجمهور : (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ) ، بفتح اللام ، (فَإِنَّما أَضِلُ) ، بكسر الضاد. وقرأ الحسن ، وابن وثاب ، وعبد الرحمن المقري : بكسر اللام وفتح الضاد ، وهي لغة تميم ، وكسر عبد الرحمن همزة أضل. وقال الزمخشري : لغتان نحو : ضللت أضل ، وظللت أظل. (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) ، وأن تكون مصدرية ، أي فبوحي ربي. والتقابل اللفظي : وإن اهتديت فإنما أهتدي لها ، كما قال : (وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) (٢) ، مقابل : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ) (٣) ، (وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها) (٤) ، مقابل : (فَمَنِ اهْتَدى فَلِنَفْسِهِ) (٥) ، أو يقال : فإنما أضل بنفسي. وأما في الآية فالتقابل معنوي ، لأن النفس كل ما عليها فهو لها ، أي كل وبال عليها فهو بسببها. (إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ) (٦) وما لها مما ينفعها فبهداية ربها وتوفيقه ، وهذا حكم عام لكل مكلف. وأمر رسوله أن يسنده إلى نفسه ، لأنه إذا دخل تحته مع جلالة محله وسر طريقته كما غيره أولى به. انتهى ، وهو من كلام الزمخشري. (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) ، يدرك قول كل ضال ومهتد وفعله.
والظاهر أن قوله : (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا) ، أنه وقت البعث وقيام الساعة ، وكثيرا جاء : (وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ) (٧) ، (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٨) ، وكل ذلك في يوم القيامة ؛ وعبر بفزعوا ، وأخذوا ، وقالوا ؛ وحيل بلفظ الماضي لتحقق وقوعه بالخبر الصادق. وقال ابن عباس ، والضحاك : هذا في عذاب الدنيا. وقال الحسن : في الكفار عند خروجهم من القبور. وقال مجاهد : يوم القيامة. وقال ابن زيد ، والسدّي : في أهل بدر حين ضربت أعناقهم ، فلم يستطيعوا فرارا من العذاب ، ولا رجوعا إلى التوبة. وقال ابن جبير ، وابن أبي أبزي : في جيش لغزو الكعبة ، فيخسف بهم في بيداء من الأرض ، ولا ينجو إلا رجل من جهينة ، فيخبر الناس بما ناله ، قالوا ، وله قيل :
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٨١.
(٢ و ٣) سورة فصلت : ٤١ / ٤٦ ، وسورة الجاثية : ٤٥ / ١٥.
(٤ و ٥) سورة الزمر : ٣٩ / ٤١.
(٦) سورة يوسف : ١٢ / ٥٣.
(٧) سورة الأنعام : ٦ / ٢٧.
(٨) سورة السجدة : ٣٢ / ١٢.