وعند جهينة الخبر اليقين.
وروى في هذا المعنى حديث مطول عن حذيفة. وذكر الطبري أنه ضعيف السند ، مكذوب فيه على رواية ابن الجراح. وقال الزمخشري ، وعن ابن عباس : نزلت في خسف البيداء ، وذلك أن ثمانين ألفا يغزون الكعبة ليخربوها ، فإذا دخلوا البيداء خسف بهم. وذكر في حديث حذيفة أنه تكون فتنة بين أهل المشرق والمغرب ، فبينما هم كذلك ، إذ خرج السفياني من الوادي اليابس في فوره ، ذلك حين ينزل دمشق ، فيبعث جيشا إلى المدينة فينتهبونها ثلاثة أيام ، ثم يخرجون إلى مكة فيأتيهم جبريل ، عليهالسلام ، فيضربها ، أي الأرض ، برجله ضربة ، فيخسف الله بهم في بيداء من الأرض ، ولا ينجو إلا رجل من جهينة ، فيخبر الناس بما ناله ، فذلك قوله : (فَلا فَوْتَ) ، ولا يتفلت منهم إلا رجلان من جهينة ، ولذلك جرى المثل : «وعند جهينة الخبر اليقين» ، اسم أحدهما بشير ، يبشر أهل مكة ، والآخر نذير ، ينقلب بخبر السفياني. وقيل : لا ينقلب إلا رجل واحد يسمى ناجية من جهينة ، ينقلب وجهه إلى قفاه. ومفعول ترى محذوف ، أي ولو ترى الكفار إذ فزعوا فلا فوت ، أي لا يفوتون الله ، ولا يهرب لهم عنما يريد بهم. وقال الحسن : فلا فوت من صيحة النشور ، وأخذوا من بطن الأرض إلى ظهرها. انتهى. أو من الموقف إلى النار إذا بعثوا ، أو من ظهر الأرض إلى بطنها إذا ماتوا ، أو من صحراء بدر إلى القليب ، أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم ، وهذه أقوال مبنية على تلك الأقوال السابقة في عود الضمير في فزعوا. ووصف المكان بالقرب من حيث قدرة الله عليهم ، فحيث ما كانوا هو قريب.
وقرأ الجمهور : (فَلا فَوْتَ) ، مبني على الفتح ، (وَأُخِذُوا) : فعلا ماضيا ، والظاهر عطفه على (فَزِعُوا) ، وقيل : على (فَلا فَوْتَ) ، لأن معناه فلا يفوتوا وأخذوا. وقرأ عبد الرحمن مولى بني هاشم عن أبيه ، وطلحة ؛ فلا فوت ، وأخذ مصدرين منونين. وقرأ أبيّ : فلا فوت مبنيا ، وأخذ مصدرا منونا ، ومن رفع وأخذ فخبر مبتدأ ، أي وحالهما أخذ أو مبتدأ ، أي وهناك أخذ. وقال الزمخشري : وقرئ : وأخذ ، وهو معطوف على محل فلا فوت ، ومعناه : فلا فوت هناك ، وهناك أخذ. انتهى. كأنه يقول : لا فوت مجموع لا ، والمبني معها في موضع مبتدأ ، وخبره هناك ، فكذلك وأخذ مبتدأ ، وخبره هناك ، فهو من عطف الجمل ، وإن كانت إحداهما تضمنت النفي والأخرى تضمنت الإيجاب. والضمير في به عائد على الله ، قاله مجاهد ، أي يقولون ذلك عند ما يرون العذاب. وقال الحسن : على البعث. وقال مقاتل : على القرآن. وقيل : على العذاب. وقال الزمخشري وغيره :