على الرسول ، لمرور ذكره في قوله : (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ). (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) ، قال ابن عباس : التناوش : الرجوع إلى الدنيا ، وأنشد ابن الأنباري :
تمنى أن تؤوب إليّ ميّ |
|
وليس إلى تناوشها سبيل |
أي : تتمنى ، وهذا تمثيل لطلبهم ما لا يكون ، وهو أن ينفعهم إيمانهم في ذلك الوقت ، كما ينفع المؤمنين إيمانهم في الدنيا. مثل حالهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من بعد ، كما يتناوله الآخر من قرب. وقرأ الجمهور : التناوش بالواو. وقرأ حمزة ، والكسائي. وأبو عمرو ، وأبو بكر : بالهمز ، ويجوز أن يكونا مادتين ، إحداهما النون والواو والشين ، والأخرى النون والهمزة والشين ، وتقدّم شرحهما في المفردات. ويجوز أن يكون أصل الهمزة الواو ، على ما قاله الزجاج ، وتبعه الزمخشري وابن عطية والحوفي وأبو البقاء ، وقال الزجاج : كل واو مضمومة ضمة لازمة ، فأنت فيها بالخيار ، إن شئت تثبت همزتها ، وإن شئت تركت همزتها. تقول : ثلاث أدور بلا همز ، وأدؤر بالهمز. قال : والمعنى : من أنى لهم تناول ما طلبوه من التوبة بعد فوات وقتها ، لأنها إنما تقبل في الدنيا ، وقد ذهبت الدنيا فصارت على بعد من الآخرة ، وذلك قوله تعالى : (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ). وقال الزمخشري : همزت الواو المضمومة كما همزت في أجوه وأدور. وقال ابن عطية : وأمّا التناؤش بالهمز فيحتمل أن يكون من التناوش ، وهمزت الواو لما كانت مضمومة ضمة لازمة ، كما قالوا : أفتيت. وقال الحوفي : ومن همز احتمل وجهان : أحدهما : أن يكون من الناش ، وهو الحركة في إبطاء ، ويجوز أن يكون من ناش ينوش ، همزت الواو لانضمامها ، كما همزت أفتيت وأدور. وقال أبو البقاء : ويقرأ بالهمز من أجل ضمة الواو ، وقيل : هي أصل من ناشه. انتهى. وما ذكروه من أن الواو إذا كانت مضمومة ضمة لازمة يجوز أن تبدل همزة ، ليس على إطلاقه ، بل لا يجوز ذلك في المتوسطة إذا كان مدغمة فيها ، ونحو يعود ويقوم مصدرين ؛ ولا إذا صحت في الفعل نحو : ترهوك ترهوكا ، وتعاون تعاونا ، ولم يسمع همزتين من ذلك ، فلا يجوز. والتناوش مثل التعاون ، فلا يجوز همزه ، لأن واوه قد صحت في الفعل ، إذ يقول : تناوش.
(وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) : الضمير في به عائد على ما عاد عليه (آمَنَّا بِهِ) على الأقوال ، والجملة حالية ، و (مِنْ قَبْلُ) نزول العذاب. وقرأ الجمهور : (وَيَقْذِفُونَ) مبنيا للفاعل ، حكاية حال متقدّمة. قال الحسن : قولهم لا جنة ولا نار ، وزاد قتادة : ولا بعث ولا نار. وقال