وكان هذا البحث في وقت لم يوجد فيه نصّ كامل لكتاب الأشعري ، لكن عثر ـ أخيراً ـ الدكتور محمد جواد مشكور على نسخة منه وطبعه في طهران سنة ( ١٩٦٣ ) باسم ( المقالات والفرق ) وبظنّ الدكتور مشكور أنّ عثوره على كتاب الاشعري هو الحلّ النهائي للبحث ، حيث تتمّ نسبة كتاب ( فرق الشيعة ) إلى النوبختي ، ويذهب إلى رأي الزنجاني فيقول :
« وارتفعت الشبهة التي أوجدها المرحوم عباس إقبال ـ بحمد الله ومنّته ـ بعد العثور على نسخة ( فرق الشيعة ) لسعد بن عبد الله بن أبي خلف الأشعري ، وثبت أن ( فرق الشيعة ) للنوبختي هو غير ( الفرق والمقالات ) أو ( فرق الشيعة ) للأشعري .
وهذان الكتابان وصلا إلينا من بين كتب فرق الشيعة الكثيرة التي ضاعت كلّها » (٢) .
لكنّي أرى أنّ الشبهة لم تزل بمجرد العثور على كتاب الأشعري ، وذلك لأنّ منشأ الشبهة عند الاُستاذ إقبال إنّما هو المقارنة بين المطبوع والنصوص المنقولة عن كتاب الأشعري في كتب القدماء ، ومن الواضح أنّ دعواه تحتوي على جهتين :
إحداهما : أنّ المطبوع باستانبول ليس من تأليف النوبختي .
الثانية : أنّ المطبوع باستانبول إنّما هو للأشعري .
وبالعثور على النصّ الكامل لكتاب الأشعري ـ وسيأتي بيان الأدلّة على صحة نسبته إليه ـ لا تتمّ الجهة الثانية للاختلاف المحسوس بين ( فرق الشيعة ) المطبوع منسوباً إلى النوبختي ونصّ كتاب الأشعري .
وأمّا بالنسبة إلى الجهة الاُولى ، فانّ البحث وإن اختلف شيئاً ما ، إلّا أنّه ليس اختلافاً جوهرياً ، فانّه ـ بعد العثور على كتاب الأشعري ـ يصحّ البحث معتمداً على المقارنة بينه وبين المطبوع باستانبول .
فالموضوع لا يزال بحاجة إلى المزيد من التتبّع والمقارنة والدرس كي ينتهي إلى نتيجة مرضيّة لفضول الباحث ، ولا بدّ من إلقاء نظرات على المؤلّفَين والكتابين :
النوبختي :
هو الحسن بن موسى النوبختي ، أبو محمد ، ابن اُخت أبي سهل ، ذكره الشيخ الطوسي في كتاب رجاله ووثّقه (٣) ، ووصفه في ( الفهرست ) بالمتكلّم الفيلسوف ، وقال : إنّه كان إمامياً حسن الاعتقاد ، وأورد إسم عدد من مؤلّفاته (٤) .
وقال النجاشي في كتاب رجاله : شيخنا المتكلّم ، المبرّز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها ، وعدّد كثيراً من كتبه (٥) .