المقارنة بين الكتابين :
وللمقارنة بين الكتابين لا بدّ من بيان أوجه التشابه والاختلاف بينهما ، فنقول : ذكر الدكتور مشكور بهذا الصدد ما يلي : « إنّ كتابي فرق الشيعة للنوبختي ، والفرق والمقالات للأشعري : هما كتابان وصلا إلينا من بين كتب فرق الشيعة الضائعة ، وبينهما تشابه في المطالب ، وكذلك بين اُسلوب تنظيمهما بصورة عامّة ، وقد بيّنّا أوجه التباين والاختلاف بين هذا الكتاب [ للأشعري ] وبين كتاب النوبختي من ناحية العبارات في نهاية كل صفحة ، ولكن كتاب الأشعري يتضمّن إضافات كلية بالاضافة [ كذا ] على فرق الشيعة للنوبختي ما يحويه من الاضافات الجزئية » ، ثم أورد قائمة بمواضع الافتراق بين الكتابين من حيث الزيادة والنقص ، وحدّده بزيادة كتاب الأشعري حوالي ثلاثين صفحة على كتاب النوبختي (٦٢) .
ويقول أيضاً في مقاله ما ترجمته : « يتّحد نصّ هذين الكتابين من حيث الأبواب وتوالي الأبحاث ، وحتى من حيث العبارات ، وواضح أنّ أحدهما مأخوذ من الآخر .
والفرق الموجود بينهما أنّ كتاب ( المقالات والفرق ) لسعد بن عبد الله يحتوي ـ في كثير من الموارد ـ على إضافات على ( فرق الشيعة ) للنوبختي ، ويبلغ مجموعها زيادة ثلاثين صفحة عليه » (٦٣) .
ومن الملاحظ ـ فعلاً ـ تشابه الكتابين تشابهاً كبيراً جداً ، بحيث يُتراءى للباحث أنّهما نسختان من كتاب واحد ، أو يرجعان إلى أصل فارد : إمّا حرّف واختصر فكان ما نسب إلى النوبختي ، أو زيد عليه ونظّم فكان ما نسب إلى الأشعري .
ويقول الاُستاذ إقبال بهذا الصدد ما ترجمته : « إنّ أبا القاسم الأشعري وأبا محمد النوبختي ، كانا متعاصرين ، وتوفّيا في زمن واحد تقريباً ، يعني على التحقيق ، في العشرة من المائة الرابعة للهجرة ، فلو لم يطّلع كل من هذين العلمين على كتاب الآخر ، وكان الكتاب الحاضر [ أي فرق الشيعة ] من تأليف النوبختي ، فأي شيء هذا الاتحاد الموجود بين مضامين وعبارات الكتاب وبين ما نقل عن الأشعري ؟ !
هل أنّ النوبختي أخذ المطالب عيناً من كتاب الأشعري ، من دون إيراد المستند ؟ وهل أنّه ـ مع سعة علمه واطّلاعه وإحاطته بالفنون المختلفة من الكلام و الحكمة والأدب وفنّ الملل والنحل ـ بادر إلىٰ هذا العمل [ أي الاقتباس من الأشعري من دون إشارة إليه ] وهو يعدّ من السرقات الأدبية ؟ !
أو أنّ الأشعري ـ وهو من الفقهاء والمحدّثين
المعتمد عليهم عند الشيعة ، بل هو أصل لرواية كثير من أخبار الطائفة الامامية ـ عمد إلى اقتباس المطالب من كتاب النوبختي عيناً ، وتأبّى ـ على خلاف الطريقة المطردة ـ عن ذكر اسمه واسم