كتابه ، وهما غير مجهولين عند علماء هذه الفرقة ؟
فعلى فرض كل واحد من هذين الاحتمالين ، فلا بدّ أنّ المقتبس لمطالب الآخر من دون تصريح بالنقل ، يعتبر سارقاً !
وكلّ من النوبختي والأشعري ـ وهما من الأعلام في فنّيهما ـ ساحتهما بريئة من هذه النسبة البذيئة ، ولن نحتاج إلى أيّ من الغرضين فيما لو نسبنا كتاب ( فرق الشيعة ) المطبوع إلى الأشعري (٦٤) .
وحيث أن الاُستاذ إقبال لم يطّلع على كتاب ( المقالات ) للأشعري ، كان يعتقد بأنّ ( فرق الشيعة ) المطبوع باستانبول هو كتاب الأشعري ، لكن بما أنّا أثبتنا أنّ ( المقالات ) المطبوع هو النصّ الكامل للأشعري ، فليس لنا أن نلتزم بأنّ ( فرق الشيعة ) له ، بل نعتقد ـ كما سيأتي ـ أنّه مختصر مخلوط من كتابه ، ونتّفق مع الاُستاذ إقبال في أنّه ليس للنوبختي .
والملاحظ أنّ شيخ الاسلام الزنجاني ـ وهو ممّن يرى صحة نسبة ( فرق الشيعة ) إلى النوبختي ـ يستدلّ بالفوارق الموجودة بينه وبين نصوص كتاب الأشعري على ما يذهب إليه ، لكنّه يهمل جانب التشابه الموجود بينهما ، فلا يستفيد من الاتّحاد ، بل يقول بهذا الصدد : « حيث أنّ أبا محمد النوبختي وسعد بن عبد الله القمي الأشعري كانا متعاصرين ، يمكننا أن نستكشف من هذه العبارات [ المنقولة عن كتاب الأشعري والموجودة في فرق الشيعة المطبوع ] : أنّ كتاب فرق الشيعة [ المقالات ] لسعد متأخّر في التأليف عن فرق الشيعة تأليف النوبختي ، حيث أنّ المعتاد في التأليف المتأخّر غالباً أن يضاف عليه ويتصرّف في شيء من عبارات المؤلّف للتقدّم » (٦٥) .
ويلتزم بهذه الدعوى الدكتور مشكور أيضاً (٦٦) ، لكنّها بلا بيّنة ولا برهان ، وذلك للوجوه التي ذكرها الاُستاذ إقبال ، وهي :
الأول : أنّه ليس لنا أيّ مصدر يدلّ على تقدّم تأليف النوبختي على تأليف سعد ، مع أنّهما كانا متعاصرين ، ويعيشان الأحداث ، فأيّ داع لنقل أحدهما عن الآخر ما كان يعيشه ويراه ، أو يستوي في إمكانيات تحصيله والوقوف عليه مع غيره .
الثاني : أيّ داع في عدم إشارة سعد إلى نقله عن النوبختي ، وفي أن ينسب كتاب النوبختي إلى نفسه بمجرّد إضافة شيء ، إن كان الأمر كذلك ثم مع هذا لم يلتفت أعلام الفنّ ـ كالنجاشي والطوسي ـ إلى ذلك (٦٧) ؟ ! .
الثالث : أنّه لو كان سعد ناقلاً لكتاب النوبختي ـ مع التصريح أو بدونه ـ لم يك أيّ سبب لعدم نقل الكشّي والطوسي مباشرة عن النوبختي ، وهو في غاية الشهرة في هذا الفن ، وهو ـ بالفرض ـ مصدر لسعد في كتابه (٦٨) .
وتتمخّض هذه المقارنة عن أمرين :
الأول
: الاختلاف بين الكتابين بزيادة كتاب الأشعري
على كتاب النوبختي ،