مضافاً إلى أنّ الاختلاف واقع بين المنقولات عن سعد عند الكشي والطوسي ، ونفس كتاب سعد .
ويستند الشيخ الزنجاني والدكتور مشكور في قولهما بصحة نسبة ( فرق الشيعة ) المطبوع إلى النوبختي إلى دليلين :
الأول : ما ذكره الزنجاني بقوله : « إنّ سياق عبارة الكتاب [ أي فرق الشيعة ] المطبوع ينبىء عن أنّ الاُسلوب اُسلوب شخص متكلّم مثل النوبختي ، لا كلام شخص فقيه مثل الأشعري » (٧٦) .
وقد ردّ عليه الاُستاذ إقبال بقوله :
« إنّ هذا ليس برهاناً قاطعاً ، حيث أنّ فقهاء ذلك العصر ـ الذي كان عصر المجادلات والمناظرات ـ كانوا يلجأون إلى هذا الطور من البحث أحياناً في ردّ خصومهم ، والمثال عليه أنّ الصدوق يتصدّى لردّ أقوال خصومه ويناظرهم في أول كتاب ( كمال الدين وتمام النعمة ) وكأنّه متكلّم إماميّ » (٧٧) ، والصدوق محمد بن عليّ من المحدّثين الشيعة بل ( رئيس المحدثين ) منهم .
نقول : لم يبق بحال لادّعاء الشيخ الزنجاني ، بعد العثور على نصّ كتاب الأشعري ، وملاحظة الشبه الكبير بين نسخته ونسخة فرق الشيعة فلو كان لمدّع أن يلتزم بمثل هذا ، لزمه أن ينسب نصّ كتاب ( المقالات ) إلى النوبختي .
والغريب أنّ الدكتور مشكور الذي أشرف على طبع المقالات وقارنه بفرق الشيعة يتمسّك بمثل هذا الادّعاء ، فكيف يمكنه الالتزام به مع التزامه بأنّ كتاب ( المقالات ) ـ وهو على نفس الاُسلوب بزعمه ، ولا يختلف عن ( فرق الشيعة ) إلّا في الزيادة ـ إنّما هو لمحدّث فقيه وهو سعد بن عبد الله الأشعري ؟ !
الثاني : ما ذكره الدكتور مشكور من زيادة المقالات على فرق الشيعة ، وأنّ ذلك آية التعدّد ، يقول : « إنّ سطور متن هذا الكتاب تزيد بنسبة غير قليلة في كل صفحة من صفحاته على كتاب النوبختي ( فرق الشيعة ) المطبوع » (٧٨) .
نقول : هل أنّ مجرد زيادة نسخة على نسخة في مقدار [ سطور ] الصفحات يدلّ على كونهما من تأليف شخصين ، ويهمل جانب التشابه بينهما والتطابق التامّ في العبارات في الصفحات المشتركة ، وكذا جانب نظم المواضيع والاُسلوب وما إلى ذلك من أوجه الشبه المقتضية للاتّحاد ؟ نعم إنّ الاختلاف بينهما في الزيادة والنقيصة يقتضي الاعتقاد باختصار الناقص عن الكامل .
رأينا :
وفي الختام نورد ما نراه في هذا الكتاب وهو أنّه ليس من تأليف النوبختي وإنّما هو نسخة مختصرة من كتاب الأشعري نسب إلى النوبختي خطأ ، وذلك للقرائن التالية :