فيهم .
قال عليّ بن الحسين عليهما السلام : فما رأى الناس منذ بعث الله محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فارساً ـ بعد عليّ بن أبي طالب عليه السلام ـ قتل بيده ما قتل ، فتداعوا عليه خمسة نفر ، فاحتوشوه ، حتى قتلوه ، رحمه الله تعالى .
ولمّا وصلوا الى سرادقات الحسين بن عليّ عليهما السلام أصابوا عليّ بن الحسين عليلاً مدنفاً ، ووجدوا الحسن بن الحسن جريحاً ، واُمّه خولة بنت منظور الفزاري ، ووجدوا محمد بن عمرو بن الحسن بن عليّ غلاماً مراهقاً ، فضمّوهم مع العيال ، وعافاهم الله تعالى فأنقذهم من القتل .
فلمّا أُتي بهم عبيد الله بن زياد هَمَّ بعليّ بن الحسين ، فقال له : إنّ لك بهؤلاء حرمة ، فأرسل معهنّ من يكفلهنّ ويحوطهنّ .
فقال : لا يكون أحد غيرك ، فحملهم جميعاً .
واجتمع أهل الكوفة ونساء همدان حين خرج بهم ، فجعلوا يبكون ، فقال عليّ بن الحسين : هذا أنتم تبكون ! فأخبروني من قتلنا ؟ !
فلما أُتي بهم مسجد دمشق ، أتاهم مروان ، فقال للوفد : كيف صنعتم بهم ؟ !
قالوا : ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلاً ، فأتينا على آخرهم !
فقال أخوه عبد الرحمان بن الحكم : « حُجِبْتُم عن محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم القيامة ، والله لا اُجامعكم أبداً » ثم قام وانصرف .
فلمّا أن دخلوا على يزيد ، فقال : إيهٍ ، ياعليّ ! أجزرتم أنفسكم عبيد أهل العراق ؟ !
فقال عليّ بن الحسين : ( ما أَصابَ مِن مُصِيبةٍ في الأرضِ ولا في أَنفسكم إلّا في كتابٍ ، من قبل أَنْ نَبر أَها ، إنَّ ذَلِك عَلی الله يَسير ) .
فقال يزيد : ( ما أَصاَبكُم من مُصيبةٍ فَبَما كَسَبتْ أَيدِيكُم ، ويَعْفُو عن كَثِير ) .
ثم أمر بهم فأُدخلوا داراً ، فهيّأهم وجهِّزهم وأَمر بتسريحهم الى المدينة .
وكان أهل المدينة يسمعون نَوْحَ الجنّ علی الحسين بن عليّ عليهما السلام حين اُصيب ، وجنيّةٌ تقول :
ألا يا عينُ فاحتفلي بجهدِ |
|
ومن يبكي على الشهداءِ بعدي |
على رَهْطٍ تقودُهم المنايا |
|
الى متجبّرٍ في مُلك عبدِ (١) |
____________________________
(١) نقلنا الرواية بكاملها عن ( الأمالي الخميسيّة للمرشد بالله ) : ج ١ ص ١٧٠ ـ ١٧٣ ، طبعة عالم الكتب ، بيروت .