ما لا يتناهى بما يتناهى (١) .
وكأنّه يريد أن يقول إنّه لولا القول بحجّية القياس لأصبحت الشريعة ناقصة غير متكاملة .
وهذا الجواب ( وهو إيداع علم الكتاب عند العترة والإحاطة بالسنّة ) ممّا يلوح من الغور في غضون السنّة ، ولعلّ القارئ الكريم يزعم ـ بادئ بدء ـ أنّ هذا الجواب نظريّة غير مدعمة بالبرهان ، غير أنّ من راجع السنّة يرى النبيّ الأكرم ـ صلّى الله عليه وآله ـ يصرّح في خطبة حجّة الوداع بأنّ عترته أعدال الكتاب العزيز وقرناؤه ، وهم يصونون الاُمّة عن الإنحراف والضلال ، ولا يفارقون الكتاب قدر شعرة ، ومع الرجوع إليهم لا يبقى لقائل شك ولا ترديد .
روى الترمذي ، عن جابر قال : رأيت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في حجّية يوم عرفة ، وهو على ناقته القصوى يخطب فسمعته يقول :
« يا أيّها الناس أنّي قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي » (٢) .
وروى مسلم في صحيحه : « أنّ رسول الله قام خطيباً بماءٍ يدعى خمّاً بين مكة و المدينة . . . ثمّ قال : ألا يا أيّها الناس فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربّي فاُجيب ، وإنّي تارك فيكم ثقلين : أوّلها كتاب الله فيه الهدى والنور ، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به . . . وأهل بيتي » (٣) .
وقد روى هذا الحديث أصحاب الصحاح والسنن بعبارات مختلفة ، كما رووا أنّه نطق به النبيّ في حجّة الوداع ، وفي غدير خمّ وقبيل وفاته ،
فدراسة الحديث توقفنا على مكانة أهل البيت النبويّ ، وعترة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، حيث يعدلون القرآن الكريم في الهداية والنور ، والعصمة والمصونيّة ، وأنّ مفارقتهم مفارقة للكتاب ، وبالتالي مفارقة السعادة ، والوقوع في وهاد الضلالة .
عدد الأئمّة :
إنّ النبيّ الأكرم ( صلّى الله عليه وآله ) لم يكتف بالتنصيص بالوصف ، بل أخبر بأنّ
____________________________
(١) بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج ١ ص ٢ .
(٢) الترمذي ج ٣ ص ١٩٩ باب مناقب أهل بيت النبيّ .
(٣) صحيح مسلم ج ٧ باب فضائل عليّ بن أبي طالب ص ١٢٣ .