وعبد الله بن المغيرة ، والحسن بن محبوب ، والحسين بن عليّ بن فضال ، وفضالة بن أيّوب (١) .
هؤلاء أبطال الشيعة في الفقه والحديث في القرنين الأوّل والثاني من الهجرة ، وقد تخرّجوا من مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) وأخذوا منهم الفقه واُصول الإجتهاد والإستنباط .
نعم لا ينحصر المتخرّجون من مدرستهم في هؤلاء الذين ذكرناهم ، فقد تخرّج من تلك المدرسة جماعة كثيرة تجاوزت المئات بل الآلاف ، وقد ضبطت أسماءهم وخصوصيّاتهم وكتبهم ، الكتب الرجاليّة والفهارس العلميّة .
ومع أنّ كتب الرجال والفقه تنصّ على مكانتهم في الفقاهة ، ومدى استنباطهم الأحكام الشرعيّة ، غير أنّ كتبهم في القرون الثلاثة الاُولى كانت مقصورة على نقل الروايات بأسنادها ، والإفتاء في المسائل بهذا الشكل ، مع تمييز الصحيح عن السقيم ، والمتقن عن الزائف .
وتطلق على كتبهم عناوين : الأصل ، الكتاب ، النوادر الجامع ، المسائل ، أو خصوص باب من أبواب الفقه ، كالطهارة ، والصلاة ، وما شابه ذلك .
هذه الكتب المدونة في القرون الثلاثة بمنزلة « المسانيد » عند العامّة ، فكلّ كتاب من هذه الرواة يعدّ مسنداً للراوي ، قد جمع فيه مجموع رواياته عن الإمام أو الأئمّة في كتابه ، وكان الإفتاء بشكل نقل الرواية بعد إعمال النظر ومراعاة ضوابط الفتيا وهكذا مضى القرن الثالث .
وبإطلالة أوائل القرن الرابع طلع لون جديد في الكتابة والفتيا ، وهو الإفتاء بمتون الروايات مع حذف أسنادها ، والكتابة على هذا النمط مع إعمال النظر والدقّة في تمييز الصحيح عن الزائف فخرج الفقه ـ في ظاهره ـ عن صورة نقل الرواية ، واتّخذ لنفسه شكل الفتوى المحضة ،
وأوّل من فتح هذا الباب على وجه الشيعة بمصراعيه هو والد الشيخ الصدوق ، « عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه » المتوفّى عام ٣٢٩ هـ ، فألّف كتاب « الشرائع » لولده الصدوق ، وقد عكف فيه على نقل متون ونصوص الروايات ، وقد بثّ الصدوق هذا الكتاب في متون كتبه : كالفقيه ، والمقنع والهداية ، كما يظهر ذلك من الرجوع إليها .
ولقد استمرّ التأليف على هذا النمط ، فتبعه ولده الصدوق المتوفّى عام ٣٨١ ، فألّف
____________________________
(١) راجع رجال الكشّي ص ٢٠٦ و ٣٢٢ و ٤٦٦ .