بسم الله الرّحمٰن الرحيم، الّذي قضى فيما قضى وسطر فيما فيما سطر، أنّه باعثٌ في الأميّين رسولاً منهم يعلّمهم الكتاب والحكمة، ويدلّهم على سبيل الرشاد، لا فظّ ولا غليظ ولا صخّاب في الأسواق، لا يجزي بالسيّئة السيّئة، ولكن يعفو ويصفح. أمّته الحامدون الّذين يحمدون الله على كلّ حال في هبوط الأرض وصعود الجبال، ألسنتهم مُذلَلَّة بالتسبيح والتقديس والتكبير والتهليل، ينصر الله هذا النّبيَّ على من ناوأه، فإذا توفّاه الله اختلفَ أمّته من بعده، ثمّ يلبثون بذلك ما شاء الله، فيمرّ رجل من أمّته بشاطئ هذا النهر، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، يقضي بالحقّ ولا يرتشي في الحكم، الدنيا عليه أهون من شرب الماء على الظمآن، يخاف الله عزّ وجلّ في السرّ، وينصح لله في العلانية، ولا تأخذه في الله لومة لائم، فمَن أدرك ذاك النّبيَّ فليؤمن به، فمن آمن به كان له رضوان الله والجنّة، ومن أدرك ذاك العبدَ الصالح فلينصره فإنّه وصيّ خاتم الأنبياء، والقتل معه شهادة. ثمّ إنّه أقبل الرّاهب على عليّ عليهالسلام فقال : يا أمير المؤمنين، أنّي صاحبك لا أفارقك أبداً حتّى يصيبني ما أصابك. فبكى عليّ عليهالسلام ثمّ قال : الحمد الله الّذي ذكرني عنده في كتب الأبرار.
ثمّ سار وهذا الراهب معه، فكان يتغدّى ويتغشّى مع عليّ عليهالسلام، حتّى صار إلى صفّين، فقاتل فقتل، فقال عليّ عليهالسلام لأصحابه : اطلبوه فطلبوه فوجدوه، فصلّىٰ عليه عليّ عليهالسلام ودفنه واستغفر له، ثمّ قال : هذا منّا أهل البيت.١
_______________________
١ ـ الفتوح لابن أعثم ١ / ٥٧٥ ـ ٥٧٨؛ المناقب للخوارزميّ ٢٤٢؛ المستجاد من كتاب الإرشاد ١٢٨ ـ ١٣٢؛ مجموعة نفيسة ٣٧٢؛ نهج الإيمان ٢٢٣؛ الإرشاد للمفيد ١ / ٣٣٤؛ كتاب وقعة صفّين ١٤٤، ١٤٥؛ الهداية الكبرى ١٤٨ ـ ١٥٠، وفيه : وبحثوا في القاع عن الصخرة، وكان في العسكر ستّون ألف رجل وتبع كثير، ولم تبق كفّ إلّا رامت لقلع تلك الصخرة فلم يقدروا بقلعها.