النّبيّ صلىاللهعليهوآله في غاية الحرص على تربيته وإرشاده إلى اكتساب القضائل. ثمّ إنّ عليّاً بقي في أوّل عمره في حِجر النّبيّ صلىاللهعليهوآله، وفي كِبَره صار ختناً له، وكان ملازماً له في كلّ الأوقات. ومن المعلوم أنّ التلميذ إذا كان في غاية الحرص والذكاء في التعلّم، وكان الأستاذ في غاية الحرص على التعليم، ثمّ اتّفق لهذا التلميذ أن اتّصل بخدمة مثل هذا الأستاذ من زمن الصغر، وكان ذلك الاتّصال بخدمته حاصلاً في كلّ الأوقات، فإنّه يبلغ ذلك التلميذ عي العلم مبلغاً عظيماً، ويحصل له ما لا يحصل لغيره.
عن أبي الطفيل قال : إنّ أمير المؤمنين عليّاً عليهالسلام قال بحضرة المهاجرين والأنصار وأشار إلى صدره : كنيف ملئ علماً لو وجدتُ له طالباً. سلوني قبل أن تفقدوني، هذا سفط العلم، هذا لعاب رسول الله صلىاللهعليهوآله، هذا ما زقّني به رسول الله زقّاً. سلوني، فإنّ عندي علم الأوّلين والآخرين... وعندي علم البلايا والمنايا والوصايا والأنصاب وفصل الخطاب ومولد الإسلام ومولد الكفر، وأنا صاحب المِيْسَم، وأنا الفاروق الأكبر ودولة الدّول، فاسألوني عمّا يكون إلى يوم القيامة... فإنّي بطرق السّماوات أخبَر منكم بطرق الأرض.١ أمَا واللهِ لو تُثنيت لي الوسادة ثمّ أُجلِست عليها لَحكمتُ بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، حتّى ينادي كلّ كتاب بأن حَكَم بحكم الله تعالى فيّ.٢ وإذا ثبت أنّه لا نظير له في العلم صحّ أنّه أولى بالإمامة، لقبح تقديم المفضول على الفاضل.
وقال كمال الدّين محمّد بن طلحة الشّافعيّ : ما آتاه الله عزّ وعلا من أنواع
_______________________
١ ـ نهج الإيمان ٢٧٠ ـ ٢٧٣.
٢ ـ تنبيه الغافلين ٢٠؛ شرح المقاصد ٥ / ٢٩٨؛ شواهد التنزيل ١ / ٣٦٦؛ مطالب السؤول ١١١.