تعجّبهم أوّلاً حين خرج إليهم، فقال لهم : كأنّكم قد تعجّبتم من صنيعي! قالوا : نعم. قال : أنا الإنسان الذي قال الله عزّ وجلّ في كتابه : (إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا)، فأنا الإنسان الذي أقول لها : ما لَكِ؟ يومئذ تُحدّث أخبارها، إيّاي تحدّث.١
قال أبو سعيد محسن بن كرّامة : وقد سمّاه الله تعالى أولي الأمر في قوله :٢ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ)٣. و«اُولي الأمر» جمع، يعني أصحاب الأمر، والقصد من أصحاب الأمر هم المؤمنون، لقوله تعالى (وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ). وهذا الاسم واللّقب من أهمّ وأفضل الأسماء والألقاب لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام، وأعلاها درجةٍ وشأناً، ويتقدّم على سائر أسمائه وألقابه الّتي منها : «سيّد المسلمين» و «أوّل المسلمين» و «يعسوب الدين» و «قائد الغُرّ المحجّلين» و «إمام البَرَرة» و «إمام المتّقين» و «صفوة الله» و «وليّ الله» و «حجّة الله» و «قاتل الفجرة» و «خليفة رسول الله» و «وصيّه» و «وزيره» وأمثالها. ولذلك أمر رسولُ الله صلىاللهعليهوآله النّاسَ أن يسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، ويُحيّوه بهذا اللّقب. وهذا اللّقب ليس عنواناً اعتباريّاً، بل هو بيانُ حقيقةٍ، وكشفُ سرٍّ كان موجوداً عنده؛ لأنّ الأمير والرئيس لأيّ شيء يضافان، فإنّهما يعبّران عن معنى ذلك الشّيء. حقيقته فأمير الجيش، هو ذلك
_______________________
١ ـ علل الشرائع ٥٥٦، الرقم ٨، باب ٣٤٣؛ مناقب آل أبي طالب ٢ / ٣٦٢؛ نهج الإيمان ٦٤٨.
٢ ـ تنبيه الغافلين ١٤٥.
٣ ـ النساء / ٥٩.