فسلّمها أهلها بالأمان في المحّرم. ثم سار منها إلى عين تاب ، وبها «ناصر الدّين محمد» أخو «الشّيخ اسماعيل الخزندار» ، فدخل في طاعته ، فأبقاها عليه.
ولمّا علم «عماد الدّين» ذلك ، وتحقّق قصده لحلب ، أخذ رهائن الحلبييّن ، وأصعد جماعة من أولادهم وأقاربهم ، خوفا من تسليم البلد ، وقسم الأبراج والأبواب على جماعة من الأمراء ، وكان الأمراء «الياروقية» بها في شوكتهم.
وجاء الملك النّاصر ، ونزل على حلب في السّادس والعشرين من محرّم سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وامتدّ عسكره من «بابلّى» إلى النّهر ممتّدا إلى «باسلين» (١) ، ونزل هو على «الخناقيّة» (٢) ، وقاتل عسكر حلب قتالا عظيما ، في ذلك اليوم ، وأسر «حسام الدّين محمود بن الختلو» ، بالقرب من «بانقوسا» (٣) ، وهو الذي تولى شحنكية حلب ، فيما بعد.
وهجم تاج الملوك بوري بن أيّوب ، أخو «الملك النّاصر» ، على عسكر حلب ، فضرب بنشّاب زنبورك (٤) فأصاب ركبته ، فوقع في الأكحل ، فبقي
__________________
(١) بابلى وباسلين من منتزهات حلب. انظر الأعلاق ـ قسم حلب ـ ج ١ ص ٣٦٧ ، ٣٧١.
(٢) من منتزهات حلب. ابن الشحنه ص ٢٤٦.
(٣) عد ابن الشحنة ص ٢٣٧ بانقوسا بين حارات حلب خارج الأسوار.
(٤) من أنواع النشاب المرمي بواسطة النوابض ، ومعروف أن الأسلحة تطورت كثيرا في هذه الحقبة.