أيّاما ، ومات بعد فتح حلب ، ودفن بتربة «شهاب الدّين الحارميّ» ، «بالمقام» (١) ثم نقل إلى دمشق.
وجدّ الملك الناصر ، بسبب أخيه على محاصرة حلب أياما ، فاجتمع (٢) إليه الأجناد من العسكر والرّجال ، وطلبوا منه قرارهم فمطلهم ، فقالوا : «قد ذهبت أخبازنا (٣) ، ونحتاج لغلاء الأسعار إلى ما لا بدّ منه» ، وشحّ بماله ، فقال لهم : «أنتم تعلمون حالي ، وقلّة مالي ، وأنني تسلّمت حلب صفرا من الأموال ، وضياعها في أقطاعكم». فقال له بعضهم : «من يريد حلب يحتاج إلى أن يخرج الأموال ولو باع حلي نسائه» ؛ فأحضر أواني من الذّهب والفضّة ، وغيرها ؛ وباع ذلك ، وأنفقه فيهم.
وكان الحلبيّون يخرجون على جاري عادتهم ، ويقاتلون أشدّ قتال بغير جامكيّة (٤) ، ولا قرار ، نخوة على البلد ، ومحبّة لملكهم ، فأفكر عماد الدّين ، ورأى أنه لا قبل له بالملك النّاصر ، وأنّ ماله ينفد ، ولا يفيده شيئا ، فخلا ليلة بطمان ، وقال له : «ما عندك في أمرنا؟ هذا الملك النّاصر ، قد نزل محاصرا لنا ، وهو ملك قويّ ، ذو مال ، والظّاهر أنّه يطيل الحصار ، وتعلم أنّني أخذت حلب
__________________
(١) مقام إبراهيم الخليل داخل القلعة.
(٢) الضمير يعود هنا إلى زنكي الثاني ، فقد طالبه الجند بالرواتب المقررة لهم مع التعويضات.
(٣) الخبز الراتب.
(٤) أي بدون نفقات ومرتبات.