خالية من الخزائن ، والجند فيطالبونني وليس لي من المال ما يكفيني لمصابرته ، ولا أدري عاقبة هذا الأمر إلى ما ينتهي».
فأحسّ طمان عند ذلك بما قد حصل في نفسه ، فقال له : «أنا أذكر لك ما عندي ، على شريطة الكتمان والاحتياط بالمواثيق والأيمان ، على أن لا يطّلع أحد على ما يدور بيننا ، فإنّ هؤلاء الأمراء إن اطّلعوا على شيء ممّا نحن فيه أفسدوه ، وانعكس الغرض» ، فتحالفا على كتمان ذلك ، فقال له طمان : «أرى من الرأي في حلب أن تسلّمها إلى الملك النّاصر ، بجاهها ، وحرمتها ، قبل أن تنتهك حرمتها ، ويضعف أمرها ، وتفنى الأموال ، وتضجر الرجال ، ويستغلّ بلدها فيتقوّى هو وعسكره به ، ونحن لا نزداد إلّا ضعفا ، والآن فنحن عندنا قوة ، ونأخذ منه ما نريد من الأموال والبلاد ، ونستريح من الأجناد وإلحاحهم في الطّلب ، ثمّ قد أصبح ملكا عظيما ، وهو صاحب مصر ، وأكثر الشّام ، وملوك الشّرق قد أطاعوه ومعظم الجزيرة في يده».
فقال له : «والله هذا الّذي قلته كلّه رأيي ، وهو الذي وقع لي ، فاخرج إليه ، وتحدّث معه على أن يعطيني : الخابور ، وسنجار ؛ وأيّ شيء قدرت على أن تزداده فافعل ، واطلب الرّقّة لنفسك».
ثم إنّ طمان كتم ذلك الأمر ، وباكر القتال ، وأظهر أنّ بداره واصطبله «بالحاضر» خشبا عظيما ، وأنه يريد نقضها ، كيلا يحرقها العسكر ، فكان يبيت كلّ ليلة في داره ، خارج المدينة. ويجتمع بالسّلطان