الملك النّاصر ، خاليا ، ويرتّب الأمور معه ، ويجيء إلى عماد الدّين ويقرّر الحال معه ، وينزل ، ويصعد إلى القلعة من «برج المنشار» ـ وكان عند باب الجبل الآن متّصلا بالمنشار ـ إلى أن قرّر مع الملك النّاصر : أن يأخذ حلب وعملها ، ولا يأخذ معها شيئا من أموالها ، وذخائرها ، وجميع ما فيها من الآلات والسّلاح ، وأن يعطي عماد الدّين عوضا عنها : سنجار ، والخابور ، ونصيبين ، وسروج ، وأن يكون لطمان الرّقّة (١) ؛ ويكون مع عماد الدّين.
وشرط عليه أن تكون الخطابة والقضاء للحنفيّة (٢) بحلب ، في بني العديم ، على ما هي عليه ، كما كان في دولة الملك الصّالح ، وأن لا ينقل إلى الشافعيّة.
هذا كلّه يتقرّر ، والقتال في كلّ يوم بين العسكرين على حاله. وليس عند الطائفتين علم بما يجري ، ويخرج من الحلبيّن في كلّ يوم عشرة آلاف مقاتل أو أكثر ، يقاتلون أشدّ قتال.
ولم يعلم أحد من الأمراء ولا من أهل البلد ، حتّى صعدت أعلام «الملك النّاصر» على القلعة ، بعد أن توثّق كلّ واحد من الملكين من صاحبه بالأيمان. فأسقط في أيدي أهل حلب والأمراء من «الياروقيّة» ، وغيرهم ،
__________________
(١) في بغية الطلب ص ٣٨٥٨ «وأن يعوضه عنها بسنجار ونصيبين والخابور والرقة وسروج وأن تكون بصرى لطمان ، ويكون في خدمة زنكي».
(٢) كان صلاح الدين شافعيا.