وخاف «الياروقيّة» على أخبازهم ، والحلبيّون على أنفسهم ، لما تكرّر منهم من قتال «الملك النّاصر» على القلعة ، بعد أن توثّق كلّ واحد ، في أيّام الملك الصّالح.
وصرّح العوامّ بسبّه ، وحمل رجل من الحلبّين يقال له «سيف بن المؤذن» إجانة الغسّال ، وصار بها إلى تحت الطيّارة (١) بالقلعة ، وعماد الدّين جالس بها يشير إليه أن يغسل فيها كالمخانيث ، ونادى إليه : «يا عماد الدّين ، نحن كنّا نقاتل بلا جامكيّة ولا جراية ، فما حملك على أن فعلت ما فعلت؟».
وقيل : إنّ بعضهم رماه بالنشّاب فوقع في وسط الطيّارة ، وعمل عوامّ حلب أشعارا عاميّة ، كانوا يغنّون بها ، ويدقّون على طبيلاتهم بها ، منها :
أحباب قلبي لا تلوموني |
|
هذا «عماد الدّين» مجنون |
ودقّ آخر على طبله ، وقال مشيرا إلى «عماد الدّين» :
وبعت «بسنجار» قلعة حلب |
|
عدمتك من بايع مشتري |
خريت على حلب خرية |
|
نسخت بها خرية «الأشعري» (٢) |
وصعد إليه «صفيّ الدّين» ـ رئيس البلد ـ ووبّخه على ما فعل ، وهو
__________________
(١) امتداد مسقوف لقاعة مشرفة على الشارع يطل منه الحاكم فيرى ما يجري بالخارج دون أن يرى وهو بالوقت نفسه متمتع بالحماية.
(٢) لعله أراد أبا موسى الأشعرى وما راج بين الناس عن موقفه في التحكيم.