ووصل سديد الدّولة بن الأنباريّ كاتب الإنشاء للمسترشد إلى تاج الملوك ، في أواخر ذي القعدة لتسليم دبيس إلى من يحمله إلى بغداد ، فوجد الأمر قد فات ، فعاد فصادفته خيل أتابك زنكي بناحية الرّحبة فأوقعوا به ، وقبضوه ، ونهبوا ما كان معه حتّى نهبوا القافلة الّتي كانت معه ، وقتل بعض غلمانه ، ولقي شدّة عظيمة من الاعتقال إلى أن أطلق ، وعاد إلى بغداد.
وفي سنة ست وعشرين وخمسمائة ، فتح الملك كليام رام حمدان (١) ، وسار أتابك ودبيس إلى بغداد ، مباينين للمسترشد ، وعزما على أن يهجما بغداد ، فبذل لهما الحلّة ، وأن يدخل نائبهما بغداد ، فأبيا فخرج إليهما المسترشد بنفسه ، والتقوا في شعبان على عقرقوف (٢) فكسرهما ، وعاد أتابك زنكي إلى الموصل ، وسار دبيس إلى السّلطان سنجر.
ووقع بين الفرنج ، في هذه السنة ، فتن ، وقتل بعضهم بعضا ، وقتل صاحب زردنا ، ونزل التركمان على بلد المعرّة وكفرطاب ، وقسموا المغلّات ، فاجتمع الفرنج وهزموهم عن البلد ، وفتحوا حصن قبّة ابن ملاعب ، وأسروا منه بنت سالم بن مالك وحريم ابن ملاعب ، وخرّبوا الموضع.
وأوقع الأمير سيف الدّين سوار بفرنج تلّ باشر ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، ووثب قوم من أهل الجبل على حصن القدموس ، فأخذوه وسلّموه
__________________
(١) رام حمدان من قرى ناحية معرتمصرين ، محافظة ادلب ، وتبعد عن ادلب مسافة ١٥ كم.
(٢) عقرقوف قرية من نواحي دجيل ، بينها وبين بغداد أربعة فراسخ.