وأغار في هذه السّنة سوار على الجزر وحصن زردنا ، وأوقع بالفرنج على حارم ، وشحن على بلد المعرّتين ، وعاد بالغنائم إلى حلب.
واستوزر زنكي في هذه السّنة ضياء الدين أبا سعد الكفرتوثي ، وكان مشهورا بحسن الطّريقة والكفاية وحبّ الخير والمذهب الحميد ، وقدم معه إلى حلب ، وعزم على قصد دمشق ومضايقتها.
وذكر العظيميّ في تاريخه : «أنّه حصرها في هذه السّنة مدّة (١) ، ثمّ رحل إلى حلب ، ثمّ شرّق إلى الموصل».
والصحيح : أنّه حصرها في سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وذلك أنّ صاحبها شمس الملوك أبا الفتح اسماعيل بن بوري ، انهمك في المعاصي والقبائح ، وبالغ في الظّلم ، وأعرض عن مصالح الدّين والنظر في أمور المسلمين ، بعد اهتمامه أوّلا بذلك.
واستخدم بين يديه رجلا كرديا ـ يعرف ببدران الكافر ـ جاءه من بلد حمص ، وكان قليل الدّين متنوّعا في أبواب الظلم ، ليس في قلبه لأحد رحمة ، فسلّطه على ظلم المسلمين ومصادرة المتصرّفين بأنواع قبيحة من الظّلم ، وظهر منه بخل عظيم وسفّت نفسه إلى تناول الدنايا وغير ذلك من الأفعال الذّميمة.
__________________
(١) أي سنة ٥٢٨ ه ، انظر تاريخ حلب للعظيمي ـ ط. دمشق ١٩٨٥ ص ٣٨٦ ، وعند ابن القلانسي ص ٣٩٠ ـ ٣٩٢ بين حوادث السنة التالية ٥٢٩ ه.