ووصل ابن الفنش الفرنجي من بيت المقدس وخرج في جموع الفرنج ، فنزل قنّسرين ، فسار إليهم أتابك فأحسن التّدبير ، وما زال بالمسلمين حولهم حتى عادوا إلى بلادهم.
وسار زنكي إلى حمص فأحرق زرعها ، وقاتلها في العشر الأواخر من شوّال ، ثمّ سار إلى الموصل في ذي القعدة من هذه السّنة.
وسار منها في المحرّم من سنة ثلاثين وخمسمائة إلى بغداد ، ومعه داود بن محمود بن ملكشاه الواصل إليه إلى الموصل ، فأنزله في دار السّلطنة ببغداد ، وأتابك في الجانب الغربيّ ، والخليفة إذ ذاك الرّاشد بعد قتل المسترشد.
فوصل السّلطان مسعود إلى بغداد فحصرهم بها فوقع الوباء في عسكره ، فسار إلى أرض واسط ليعبر إلى الجانب الغربيّ ، فاغتنم أتابك غيبته ، وسار إلى الموصل ، وسار داود إلى مراغة.
وبلغ الخبر السّلطان مسعود فعاد ، فهرب الرّاشد ، ولحق أتابك بالموصل. ودخل مسعود بغداد ، فبايع محمد المقتفي ، وخطب له ببغداد وأعمال السّلطان ، وبقيت الخطبة بالشّام والموصل على حالها إلى أن اتّفق أتابك زنكي والسّلطان مسعود واصطلحا ، وخطب بالشام والموصل للمقتفي ولمسعود. وفارق الرّاشد إذ ذاك زنكي ، وسار عن الموصل إلى خراسان في سنة إحدى وثلاثين (١).
__________________
(١) عاصر ابن الأزرق الفارقي هذه الأحداث ومواده على درجة عالية من الأهمية ، انظر الموسوعة الشامية ص ٥٢٢٦ ـ ٥٢٤٩.