وسار سيف الدّين سوار في سنة ثلاثين وخمسمائة في جمع من التركمان يبلغ ثلاثة آلاف إلى بلد الّلاذقيّة ، وأغار على الفرنج على غرّة وقلّة احتراز ، فعادوا ومعهم ما يزيد على سبعة آلاف أسير ، ما بين رجل وامرأة وصبي وصبيّة ومائة ألف رأس من البقر والغنم والخيل والحمير ، والّذي نهبوه ـ على ما ذكر ـ مائة قرية وامتلأت حلب من الأسارى والدّواب ، واستغنى المسلمون بما حصل لهم من الغنائم.
ووصل أتابك زنكي من الموصل إلى حلب ، في رابع وعشرين من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين ، وسيّر صلاح الدّين في مقدمته ، فنزل حمص ، وسار أتابك إلى حماة ، وعيّد عيد الفطر في الطّريق ، وأخذ من حلب معه خمسمائة راجل لحصار حمص.
ورحل أتابك من حماة إلى حمص في شوال وبها أنر (١) من قبل صاحب دمشق ، فحصرها مدّة.
وخرج الفرنج نجدة لحمص وغيلة لزنكي ، فرحل عن حمص ، ولقيهم تحت قلعة بارين ، فكسرتهم طلائع زنكي مع سوار ، فأفنوا عامّتهم قتلا وأسرا ، وقتل أكثر من ألفين من الفرنج ، ونجا القليل منهم ، فدخل إلى بارين مع ملكهم كندياجور (٢) صاحب القدس ؛ وأقام الحصار على بارين
__________________
(١) المعلومات لدى ابن القلانسي أوسع ص ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ، وسيكون لمعين الدين أنر دور السيادة في دمشق حتى وفاته فبعد وفاته بقليل سقطت ـ كما سنرى ـ لنور الدين محمود بن زنكي. انظر تاريخ ابن القلانسي ص ٤١٥.
(٢) هو فولك أوف آنجو. انظر تاريخ وليم الصوري ص ٦٨٦ ـ ٦٨٩.